لم يكن المشهد الذي خرج به اجتماع الهيئة العامة لنقابة المهندسين مفاجئاً، بل كان الجمهور ينتظر فيلم الأكشن منذ بداية الدورة النقابية الحالية، ولكن مع كل ما جرى يبدو أن هناك جيلا لا يزال يرى في النقابة رمحا سياسيا يطعن به خصماً ما نكاية في أبعد من النقابة وخدمة لعقائدية ليس لها مكان عمل في نقابات تم تشكيلها وتعظيمها حتى باتت مظلات واسعة لكافة شرائح منتسبيها، هدفها الرئيس هو ما جاء في نص رسالة النقابة ورؤيتها، مهندس يعمل ويرتقي ليبدع في بيئة محفزة وآمنة... وريادة المهندس نحو مجتمع هندسي منافس عالمياً.
قليل ما أبتعد عن الموضوعية في تناول القضايا، ولكن في نقابة المهندسين تحديدا يمكنك أن تتجاوز الموضوعية الى قريب من التشكيك بعقلانية من يتقصدون المغالبة السياسية بطريقة فجة تنعكس عليهم سلبا، وقد لا تكون مشكلتهم مع مجلس النقابة بقدر ما هي مع خارج جدران النقابة، ولهذا رأينا الهجوم العارم والألفاظ غير اللائقة والشتائم والتخوين بأسلوب لا يمت الى التحضر الذي تمثله النقابات المحترمة وأعضاؤها المقدّرون، وحتى إن كان هناك خطأ إجرائي احتمله النقيب أو اجتهد فيه فهذا لا يعطي لأحد حق نفي رأي الآخر من أعضاء الهيئة والتي ل? يتجاوز نسبة الحضور فيها أكثر من 1174 من أصل 178000 عضو، رغم ان الشريك الآخر كان موافقا على تعديلات القانون على ما يبدو، ولهذا يجب استدراك الأمر في الاجتماع القادم حتى لا تتدهور الأمور بما لا نقبله لأي طرف.
المسألة أبعد من قضية تعديلات قد ترفض في الاجتماع القادم أو تُقرّ أو ستذهب للمحكمة الإدارية، بل إن الأجواء المسمومة باتت تبتلع عقول الأطراف التي لا تراعي أن العمل النقابي يجب أن يكون نقابيا بحتا دون إخضاعه لقانون السيطرة حسب الرؤية السياسية..
وحتى نكون واضحين فإن أصابع الإتهام وجهت لما اصطلح عليه بالإسلاميين، وكأن بقية الرعية الوطنية هم كفار قريش، وهذا ليس بالسوية التي نعرفها عن عقلاء الأحزاب أو الناشطين النقابيين الذين ندعم توجهاتهم للتحديث والارتقاء بمستوى خدمات النقابات، وهم يحملون على عاتقهم مسؤولية النجاح أو الفشل، وهذا لا يعطل حق الجميع في التخاصم بفروسية.
إن الهجوم على النقيب والزملاء لم نسمع مثله من قبل، حتى في زمن سيطرة سابقيهم على النقابة، ولو أراد أعضاء الهيئة العامة البحث في التعديلات على القانون، لكان أولى البحث عن قضايا حدثت في عهود المجالس السابقة مما فوت على النقابة الكثير من العوائد خصوصا المالية منها من خلال ملفات شراء الأراضي (...) وتقسيمها دون حضور الهيئة العامة، أو دعم نشاطات حزبية لغايات انتخابية في سنوات مضت خصوصا لحزب بعينه بعشرات الآلاف، وجمع تبرعات لجهات باسم القدس دون أي رقابة أو تدقيق ما جعل السلطات الرسمية تضع يدها على الملف، وهذا وضع ?لنقابة في مشكلة مالية لا أدري إن تم حلها.
مشكلة الحزبيين في أحزابهم أو نقاباتهم تشبه مشكلة العقرب والضفدع، والقصة كالتالي: كان العقرب يقف على ضفة الجدول يحاول الانتقال الى الضفة الأخرى، فرأى العقرب ضفدعا فطلب منه أن يحمله على ظهره ليصل الى الضفة الأخرى، وفي لحظة ثقة قَبِل الضفدع، ولكن عندما رأى العقرب وقد قعص بذّنبه، تراجع وقال: كيف أضمن أنك لن تلدغني فأموت؟ فقال العقرب: وكيف أضمن أنك لن تغوص في الماء وتغرقني، فقال الضفدع ما دام لا ثقة بيننا فابقى على ضفتك وأنا لي الجدول سالما.
ما يجري للأسف هو ضرب من عدم الثقة بين الأطراف، ويجب التزام قواعد الاحترام والرقي والتسليم بحق النقيب الذي خرج وشرح القضية بهدوئه عبر التلفزيون، وأي خلل أو خطأ فهو مدرك في التصويت القادم أو حتى لو في المحكمة، أما أن تبقى الساحة الداخلية في مهب الريح لمن يريد ومن لا يريد فذلك تعطيل غير مبرر، واختطاف للمشهد للخروج بصورة الضحية أو البطل الذي يبغي رمي سهامه على خصوم مفترضين من كنانة غيرهم، وهذا قد يجر الى ما هو أكبر من نقابة فليرشد إخواننا حتى يسير المركب قبل أن يهوي بهم من حيث لا يدرون، النصيحة بخروف يا جماعة.
Royal430@hotmail.com
الرأي