حبا الله الاردن بقيادة هاشمية مميزة، وشعب كريم، وموقع متميز، مما يجعله يضطلع بدور مركزي ومحوري في المنطقة، اقليميا ودوليا، وملاذا آمنا لملايين الاشقاء العرب وغيرهم الذين قست عليهم ظروف العيش في اوطانهم، لاسباب كثيرة ومتنوعة، ليس اقلها الحروب الداخلية الدامية، التي تدور رحاها للعقد الثاني على التوالي تحت مسميات مختلفة.
ولأن الاردنيين بطبعهم وعلى فطرتهم، قوميون حتى النخاع، فانهم يفتحون قلوبهم وحدودهم وابواب بيوتهم لكل شقيق وصديق ومستغيث وملهوف ومظلوم،وهنا تختلط القومية والاخوة والانسانية، حيث يصعب التفريق والتمييز بينها،فقد استقبل الاردن ملايين اللاجئين من الاشقاء العرب وآخرين من الدول الصديقة ،خلال العقد الماضي وما سبقه،وتقاسم معهم الاردنيون كل ما يملكون ،ووفروا لهم الفرص التعليمية والعملية والخدمات الصحية ،وكل ما يحتاجونه من خدمات البنى التحتية والمياه والطاقة والامن والامان ،وكل متطلبات الحياة الكريمة الآمنة الهادئة ،حتى اصبحوا يتمتعون بكل ما يتوفر للمواطن الاردني من خدمات مختلفة.
هذه المواقف الانسانية والاخوية التي يتصف بها الاردنيون قيادة وشعبا،تسبق القوانين الدولية التي تخص الدول واللاجئين وتتقدم عليها،فالنخوة الاردنية موجودة ومعروفة ويبادر بها كل اردني قبل التفكير بأي شيء آخر.
لكن الاعباء التي يتحملها الاردن حاليا وربما تزيد مستقبلا،تفوق طاقاته وقدراته ،بسب الضغوط الهائلة التي يشكلها اللجوء العربي تحديدا على الموارد الداخلية والاقتصاد الوطني،وخاصة ما يتعلق بقطاعات المياه والطاقة والتعليم والصحة والبنى التحتية المختلفة، وهنا يبرز دور المجتمع الدولي والدول المانحة ومؤتمراتها المتعددة،حيث غلبت عبارات الشكر والاشادة بما يقوم به الاردن ويقدمه للاجئين على الاستجابة الدولية لاحتياجاتهم ومتطلباتهم، التي لا يبخل الاردن في توفيرها حتى لو كانت على حساب موازنته الخاصة وعلى حساب مواطنيه واقتصاده.
المجتمع الدولي يجب ان يفي بوعوده وان يقوم بدوره ويدعم الاردن ماليا بما يمكنه من القيام بواجبه تجاه اللاجئين المتواجدين على اراضيه،والذين يشكلون اكثر من ربع السكان الاردنيين.
الاعباء التي يتحملها الاردن تؤثر على جيمع القطاعات، كما ادت الى تأخير الفرصة السكانية،وأثرت ايضا على كثير من الخطط التنموية والى تغيير العديد من البرامج الاقتصادية وغيرها.
المواطن الاردني ايضا يشارك بشكل مباشر في تحمل هذه الاعباء،حيث ارتفعت نسب البطالة في صفوف الشباب والباحثين عن العمل، اضافة الى ان عملية الخلط والدمج الاجتماعي لها تأثيراتها على التركيبة السكانية، اما الضغط على المؤسسات الامنية والمدنية التي تتعامل بشكل مباشر مع اللاجئين وعلى العاملين فيها فتلك حكاية اخرى.
ليس المجتمع الدولي فقط مطلوب منه مساعدة الاردن في تحمل اعباء اللجوء،بل الدول التي قدم منها اللاجئون ايضا ،مطلوب منها الوقوف الى جانب الاردن وخاصة الشقيقة سوريا وتحديدا في موضوع المياه،وهي تعلم جيدا ان الاردن يواجه ازمة مائية حادة اجبرته على التوجه لطرف لا يرغب اي اردني بالتعامل معه.
مواقف اردنية نعتز ونفتخر بها، ويعتبرها الاردنيون من ضمن واجباتهم القومية والانسانية، لكن العيش الكريم والحياة الكريمة للمواطن الاردني، بكل تأكيد تحظى باهتمام قيادتنا الهاشمية المظفرة ومؤسسات الدولة والحكومة المختلفة.