بلجيكا وهولندا .. حامد وأخوه !
شحاده أبو بقر
22-12-2021 11:14 PM
صدق من قال "شر البلية ما يضحك"، ففي غمرة عناء الفقر والبطالة وكورونا كفانا الله والبشرية جمعاء الشر، تتفتق قريحة بعض الأردنيين بإنتاج "صور وتعليقات وفيديوهات" ساخرة يتبادلونها عبر وسائل التواصل، بعضها سم بدن مضحك، وبعضها طرائف مبهجة تضطرنا لأن نضحك أو على الأقل نبتسم رغم أنوفنا.
أحدث ما وصلني من هذا الزخم، صورة للحدود بين بلجيكا وهولندا حيث المنازل متلاصقة من الطرفين، أما الحد الفاصل بين جغرافيا البلدين، فهو عبارة عن طلاء على البلاط بلونين بين المنازل البلجيكية والهولندية.
الصورة التي وصلتني أظهرت سيدتين بلجيكية وهولندية كل خارجة من منزلها فتلتقيان وجها لوجه وتتشابك أيديهما وتسيران معا إلى حيث تريد كل منهما. في الجانب الآخر من الصورة المبهجة ذاتها، منزلان متلاصقان في بلدة عربية، الأول لحامد والثاني لأخيه وقد أقاما جدارا عاليا يحول دون أن يرى أي منهما الآخر إذا ما تصادف وأن خرجا أو دخلا في وقت واحد !!.
قد يظن بعضنا أن في ذلك مبالغة ممن ركب الصورة، لكن واقعنا اليوم لا ينفي ذلك، وكلنا نعرف هذه الحقيقة المرة في علاقاتنا الاجتماعية التي تلاشت فيها قيم اجتماعية عظيمة ورائعة كنا نفخر بها، وما زلنا نستذكرها بتحسر.
في تحقيق وثائقي متلفز بثته إحدى الفضائيات العربية عن الحدود البلجيكية الهولندية وكيف أن منزلا نصفه في هولندا ونصفه الآخر في بلجيكا .. يسأل المحقق ربة البيت لمن تدفعون قيمة فاتورة الكهرباء لبلجيكا أم لهولندا، وتجيبه، لدينا عدادان، الأول في الجزء الواقع من المنزل في هولندا وندفع قيمته لهم، والآخر في الجزء الواقع في بلجيكا وندفع قيمته لهم.
نترك حامدا وأخيه "حامد هنا اسم إفتراضي وهمي"، ونذهب إلى الحدود بين أقطارنا العربية العتيدة، فنعذر الأخوين الشقيقين، خاصة عندما نقرأ ونسمع ونشاهد عبارة "اللازمة" التي تقول ودائما وبإستمرار ..."لقد تم بحث العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بتعزيزها في شتى المجالات خدمة لمصالح الشعبين الشقيقين" !!، بينما الحدود الاستعمارية الفاصلة بين البلدين وكما رسمها المستعمرون قبل أن يغادروا بأجسادهم فقط، تنطق بالنقيض من ذلك تماما، فهل من ملامة على حامد وأخيه!، أليسا من هذه الأقطار "الشقيقة ومن هذه الأمة الواحدة".!!!. الله جاعل العرب قدوة خير أمة أخرجت للناس من أمام قصدي.