(الأخت المناضلة) أسمى خضر
باسم سكجها
22-12-2021 05:53 PM
أسهل الأمور في بلادنا أن يتحوّل المسؤول إلى مُعارض، وأصعب القرارات عند المعارضين أن يجلسوا على كرسيّ المسؤولية، ففي الأولى يبحث الشخص عن الشعبية المفقودة، وفي الثانية فيكون أمام إختبار صعب، بين ما كان يقوله، وما سيفعله على أرض الواقع!
عرفت أسمى خضر منذ منتصف الثمانينيات، عن قُرب ومن بُعد، وكانت مناضلة حزبية أيام كانت الأحزاب تحت الأرض، ولكن اسمها كان معروفاً للجميع، ومواقفها مشهودة، ومن قليلات أشهرن عن جرأة في الطرح السياسي والاجتماعي، في وقت كان الرجال يتحكمون في سُلطتي المعارضة والحكومة.
أيامها، كُنتُ استمع إلى شابات يعتبرنها ايقونة في تقدمية النساء وجرأتهن في التصدي للعمل العام، وأيامها، كنت أرى الكثيرات يحاولن تقليدها، وليس من الأسرار أنها كانت شرسة وقادرة في الدفاع عن السياسيين المضطهدين، والمعتقلين والمسجونين والممنوعين من السفر، في سنوات الاحكام العرفية، باعتبارها حقوقية مبدعة، وليس سراً أنّ اختيارها لعضوية لجنة الميثاق الوطني، في العام ١٩٨٩ كان لهذه الأسباب.
أسمى كانت تُعطي إنطباعاً للجميع بأنها الأخت، ولهذا لم يكن لها عداوات ولا حتى خصوم، فالكلّ إخوة وأخوات، وحين فوجئت بكونها وزيرة كتبتُ مستغرباً، لا مستهجناً، فقد فضّلت لها الاستقلالية، بعيداً عن الكرسي، ولكنها أثبتت أن المنصب قد يُغيّر الكثيرين، ولكن هناك قليلين غير ذلك، وكانت منهم، ومنهن، فالعمل العام لصالح الناس هو الأساس.
لم أكن أعرف أنها من (اللويبدة)، وفي يوم فاجأتني بحضورها كوزيرة لكلمة لي عن الجبل، في مناسبة ما، ولم تكن مدعوة أصلاً، وحين داعبتها على المايكروفون بقولي: (شكراً للوزيرة على تشريفنا مع أن جدولها حافل بالافتتاحات والرعايات الرسمية !) ردّت بكلمات رقيقة عبّرت عن قناعاتها الشعبية الحقيقية، والطريف أنها استأجرت مكتباً في اللويبدة، بعد خروجها من المنصب!
أسمى خضر، وُلدت مناضلة، وواصلت نضالها مع المعارضة والمراكز الرسمية، ومع كل تداعيات الدنيا ومنها المرض، ورحلت مناضلة لا بدّ أن نُسجّل لها كل الحبّ والاحترام والتقدير، وللحديث بقية!