تغريد حكمت: المحكمة الدستورية انجاز حضاري متطور
يوسف عبدالله محمود
22-12-2021 01:07 PM
ثمة مثل عربي قديم يقول «أعطِ القوس لباريها» والمقصود أسنِد العمل لمن يجيده ويحسنه.
وفي يقيني أن «العدالة الانسانية» قد مكّنت القاضي الأردني والدولي تغريد حكمت من الحصول على هذا القوس فأبدعت وأجادت في تطبيق العدالة الانسانية.
تغريد حكمت التي أُتيح لها ان تكون أول قاضيه أردنية نظرت إلى «العدالة» من منظورين: عدالة السماء وعدالة الأرض. عدالة السماء مطلقة ولا حدود لها. أما عدالة الأرض فنسبية وعرضة للخطأ والصواب.
في كتابها الجديد «القضاء الدستوري الأردني» الذي أهدته الى روح أخيها المغفور له طاهر حكمت فقيد الوطن الذي رحل عن عالمنا قبل عام، تتحدث تغريد حكمت عن مبررات إنشاء المحكمة الدستورية في الأردن -التي هي أحد أعضائها- وهي تعتبر قيامها في وطنها «انجازاً حضارياً وخطوة تصحيحية للقيم الدستورية والقانونية يجب على الجميع تنفيذه». (المرجع السابق ص 27)
وفي حديثها عن هذا الإنجاز الحضاري الكبير تقول «جاء تأسيس المحكمة الدستورية في ظل الإصلاح الشامل الذي تبناه جلالة الملك عبدالله الثاني منذ توليه العرش». (المرجع السابق ص 31)
وهي بحق منارة من المنارات القضائية وصرح دستوري شامخ يُحصن المسيرة الديمقراطية في البلاد، ويضمن حقوق وحريات المواطن الأردني.
تتولى المحكمة الدستورية الرقابة على دستورية القوانين وقد بدأت عملها في 6/12/2012.
وفيما يتعلق بتشكيل هذه المحكمة الدستورية فإنها تتألف من تسعة أشخاص من بينهم الرئيس، يعينهم الملك، ويستمرون في مناصبهم لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد.
وكما يرى هذا القاضي الذي خبر الحياة القضائية وخبرته، «فإن المحكمة الدستورية كجهة رقابية تعتبر ولادة حقيقية وشرعية للرقابة على دستورية القوانين». (المرجع السابق ص 39)
في كتابها تستعرض تغريد حكمت الرقابة الدستورية في الأردن قبل إنشاء المحكمة الدستورية في التعديلات الدستورية في 2011 م فتراها على الأنماط التالية:
- الرقابة البرلمانية.
- الرقابة القضائية.
وفي تناولها للدستور الأردني لعام 1952 ترى «أن هذا الدستور لم يتناول كيفية التعامل مع مدى دستورية التشريعات قضائياً، ولكن أنشأ جهة سماها «المجلس العالي للتفسير» في محاولة منه للتعامل مع القضايا التي لا تدخل ضمن صلاحيات المحاكم». (المرجع السابق ص 41)
وقد تم إلغاؤه بإنشاء المحكمة الدستورية.
وفي حديثها عن الرقابة الدستورية، ترى القاضي تغريد حكمت أن هناك نوعين من الرقابة الدستورية:
- الرقابة السياسية: تمارس من قبل هيئات سياسية مختصة، وهي رقابة سابقة على إصدار القوانين.
- الرقابة القضائية على دستورية القوانين وقد مرت بمرحلتين:
o مرحلة ما قبل التعديلات الدستورية 2011.
o ومرحلة ما بعد التعديلات الدستورية.
والحق أن تأكيد الدستور الأردني بين نصوصه على إنشاء محكمة دستورية تتولى الرقابة على دستورية القوانين يعد تتويجاً للنهج الديمقراطي الذي أكد عليه الملك عبدالله الثاني.
وكما يشير مقدم الكتاب الأستاذ الدكتور نوفان العجارمة، فإن مشكلة رقابة دستورية القوانين من المشاكل المهمة التي تثور في البلاد الديمقراطية.
وبعد، فإن هذه الدراسة القانونية الرصينة لهذا الرمز القانوني المعروف عربياً ودولياً قد سبقتها دراسات أخرى تحدثت عن القضاء لا كفنّ وعلم وحسب بل أيضاً كممارسة وخبرة.
يبقى أن أقول أمد الله في عمر مؤلفة الكتاب التي تنتمي إلى أسرة أنجبت عُمُد قانون يعتز بهم الوطن.
الرأي