"المياه" بين ثلاثة اتجاهات
كمال زكارنة
21-12-2021 02:05 PM
يحظى موضوع المياه هذه الايام بتفاعل كبير على جميع المستويات، نظرا لاهمية هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي الذي يعني الحياة بكل تفاصيلها، فلا يمكن لعجلة ان تدور او تتحرك بدون توفر المياه، ولا يمكن لكائن حيّ ان يواصل حياته بدون المياه، وحتى الجماد يحتاج الى المياه، في المصانع والمقالع وخطوط الانتاج كافة على اختلاف أنواعها واصنافها ،لا يمكن ان تعمل بدون المياه، باختصار لا حياة ولا عمل ولا انتاج من غير الماء.
قطاع المياه في المملكة يمكن وصفه حاليا بأنه يقع بين ثلاثة تجاذبات، او خيارات، او اتجاهات.. مشروع تحلية مياه البحر الاحمر وخط الناقل الوطني، اتفاق النوايا، وحفر الابار العميقة.
مشروع التحلية، يحوز على اعلى الاصوات من المؤيدين ،ويحظى بدعم شعبي ورسمي ،وعلى مستوى الخبراء والمختصين، لانه يعني الحل الجذري لمشكلة المياه في المملكة ،لما يوفره من كميات غير محدودة من المياه على المدى البعيد، والطاقة الانتاجية لمشاريع التحلية ،تعطي بقدر ما يريد صاحب او مشغل المشاريع، وكلما زادت قدرة المشروع زادت الطاقة الإنتاجية، فهي لا تعتمد على المواسم المطرية ولا على معدلات الهطول او مخزون السدود او غيرها.
اتفاق النوايا ،مهما كانت تبريراته واسبابه وبنوده وشكله، فهو سياسي بالدرجة الاولى، لانه يضع الاردن تحت ضغوط سياسية في المستقبل، ويعرض مستقبل التزويد المائي لكثير من التساؤلات، ولا يمكن الاعتماد عليه بالمطلق، لان الحذر والقلق سوف يتسيدان المشهد المائي في حال تنفيذ هذا الاتفاق.
حفر الآبار العميقة وما سمعناه حول هذا الموضوع، جزء منه اقرب الى الخيال ،والجزء الآخر علمي قريب الى الواقع، والسؤال المطروح، اذا كان من الممكن استغلال كل هذه الكميات من المياه واستخراجها من باطن الارض، فلماذا الذهاب الى اتفاق النوايا والمضي قدما في مشروع التحلية، لأن الحفر اسهل واسرع واقل كلفة ،وخلال عدة اشهر تنتهي مشكلة المياه في المملكة ونصبح من اغنى الدول مائيا، وسوف نصعد من ذيل القائمة الى رأسها.
من الذي يعارض حفر الآبار التي يمكن ان توفر المياه التي نحن بأمسّ الحاجة اليها، علما بأن عدم توفرها وفقر الاردن المائي ،من اهم العوامل التي تعترض تشجيع الاستثمار الأجنبي في المملكة، لانه لا يمكن ان يعمل اي مشروع استثماري انتاجي بدون توفر مياه كافية.
الشق العلمي المتعلق بالابار العميقة، هو الاكثر اقناعا ،حيث ان هذه المياه مالحة وفيها عناصر ومعادن كثيرة ومعالجتها وكمياتها غير مضمونة، وانها لها دور بيئي وطبيعي مهم جدا تحفظ توازن الارض في المناطق الموجودة فيها ،واستخراجها يؤدي الى حدوث حفر انهدامية عميقة وشاسعة، وبالتالي حدوث خلل بيئي في سطح الارض،ثم ان هذه المياه العميقة توجد فوقها كميات من المياه العذبة التي يتسخرجها ويستغلها الناس ،وان استخراج المياه العميقة يؤدي الى خسارة المياه العذبة الاقرب الى سطح الارض.
والبعض يؤكد بملء الفم ان بعض المناطق في الاردن مليئة بالمياه الجوفية، لكنها غير مستغلة، مثل مادبا وما حولها ،المطلوب دراسات واثبات علمية تؤكد الجدوى من استخراج المياه العميقة ،ووجود مخزون مائي جوفي وفير، علما بأن معظم الاحواض المائية الجوفية نضبت او على وشك النضوب، ولا نريد فتاوى تعطل المشاريع المنوي تنفيذها وتنسف جهود وخطط وزارة المياه والري ولا تعطي البديل المناسب والحقيقي.