facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




"بؤس الثقافة" ام "ثقافة البؤس"؟


رمضان رواشدة
21-12-2021 01:34 PM

الثقافة الوطنية هي سمةُ من سماتِ المجتمعات والدول الحديثة وإعلاءُ شأنها امر يصب في خدمة " هوية الدولة" ونمط تفكيرها وتأسيس حالة الوعي التاريخي بماضيها وربطه بحاضرها من اجل استمرارية تكريس حالة الإنتماء لدى الأجيال الحالية والقادمة.

بالنسبة للثقافة في الأردن، فإنها في اخر سلم اهتمامات الحكومات المتعاقبة - ولا استثني احدا- رغم تقلد شخصيات ثقافية مرموقة موقع وزارة الثقافة، لكنهم كانوا يتركون، لوحدهم، بلا موازنات كفيلة بدعم العمل الثقافي وتكريس حالة الوعي المجتمعي بتاريخ الأردن وثقافته وتراثه الشعبي والوطني وهويته الوطنية.

المشكلة تكمُن في مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية من وزارة ورابطة كتاب واتحاد الأدباء والنقابات الفنية. فالمطلوب منها ليس "صناعة" الثقافة وإنتاجها، لأن المثقف هو نبت نفسه، وهو عندنا " نبت صحراوي" ، وبالتالي الطلوب من هذه المؤسسات ان تلعب دور الحاضنة والماكنة التي تساهم في نشر الابداع والثقافة وليس التضييق عليهم .

موازنة " الوزارة" ليست بالمستوى المطلوب وعندما تلجأ الحكومات لتخفيض الموازنة فإنها تطال الوزارات الصغيرة مثل الثقافة التي تعتبر في البلدان المتقدمة وزارة سيادية موازنتها اعلى بكثير من باقي الوزارات.

وبالتالي دون إعلاء شأن الثقافة سيبقى ايّ مسؤول مقيدا وهو ما حصل قبل سنتين عندما اقدمت حكومة عمر الرزاز على تخفيض كبير على موازنة وزارة الثقافة وسمعت من الوزير - آنذاك - الصديق الدكتور محمد ابو رمان حديثا مشوبا بالمرارة والاحباط نظرا لاضطراره لإلغاء كثير من المشاريع الثقافية . ويومها كتبتُ مقالا بعنوان " الثقافة يا دولة الرئيس " طالبت بوقف القرار، لا بل، زيادة موازنة الوزارة ولكن " لا تندهي ما في حدا ".

اما رابطة الكتاب التي تضم اكثر من 1200 عضو، لا يشتغل بالثقافة اكثر من 20 بالمائة منهم لأن البقية دخلوا منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي على " كوتات" الأحزاب اليسارية والقومية والفصائل الفلسطينية. ولم يجرؤ اي تيار من التيارات المتصارعة (التيار الديمقراطي والتيار القومي، وتيار القدس الثقافي) حتى الآن، ان يطرح في برنامجه مسألة " تنقيح" جدول الهيئة العامة. وبعضهم ما زال يستقطب الأعضاء على أُسس الانتماءات السياسية وليس على أُسس المنجز الابداعي .

وكذلك حال اتحاد الأدباء الذي أُنشىء بقرار حكوميّ "عرفيّ" عندما حُلت الرابطة ، ايام الأحكام العرفية، اواخر الثمانينات وجرى حشدُ اعضاء من المؤسسات الحكومية، لا علاقة لهم بالأدب والثقافة مع عدد قليل من المثقفين ليكون بديلا عن " الرابطة" ومُنح دعما ماليا كبيرا .. وعندما عادت " الرابطة" بعد الإنفراج الديمقراطي ، اصبح لدينا رابطة للكتاب واتحادا للادباء .ونفس ما ينطبق عليهما من ضعف في دعم الثقافة والابداع ينطبق على باقي النقابات والروابط الفنية .

مشكلتنا ، في بعض من توّلوا ملف الثقافة ، انهم جاءوا من خلفيات لا تمت بصِلة للثقافة وبلا رؤية وعلى أسس العلاقات الشخصية او المحاصصة الجغرافية والديمغرافية .

لدينا مثقفون فازوا بجوائز عربية مرموقة ومهمة في مجالات الرواية والقصة والشعر والموسيقى والمسرح والدراما والتمثيل والغناء والفن التشكيلي، لكن لم يتم دعمهم او تكريمهم او حتى الإتصال بهم للتهنئة على تحقيق الفوز " للاردن ".

لدينا تكريس لحالة " ثقافة البؤس" المؤسساتية ، وليس لدينا حالة " بؤس ثقافي" .. والشاهد الجوائز والحضور والمكانة العربية والعالمية التي حقّقها عدد من المبدعين والمثقفين والفنانيين الاردنيين.

وحتى لا أُتهم بـ "اللطم الكربلائي" فلا بد من الإشادة بمشروع جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية المستمر والمستقر منذ عام 1977، والتي تُمنح بإرادة ملكية سامية، سنويا، بناء على تقييم من لجان مختصة وبتنسيب من وزارة الثقافة.

"الإرادة السياسية" هي وحدها القادرة على إعادة الإعتبار للثقافة وللمؤسسات الثقافية ودعم المثقفين وتسخير كل الجهود لخدمة الإنتاج الثقافي والابداعي الأردني وايصاله الى الدول العربية وترجمته ليصل الى كل العالم للتعريف بدولتنا وهويتنا وثقافتنا و تراثنا الأردني العميق.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :