أشعر أحياناً أنه من الصعب فهم المشهد السياسي عديم المعنى في الأردن فالنقاد والسياسيون يقفزون من أقصى طرف الى نقيضه دون أن يكلفوا انفسهم العناء بتقديم أي تفسير لانقلاباتهم هذه.
على سبيل المثال، يكتب بعض كتاب الأعمدة مقالات إيجابية عن الحكومة الحالية ثم تجدهم ينقلبون ضدها في اليوم التالي. والذي يثير مثل هذا التحول ألا هو شيء لا يدركه فعلا إلا القليل من المراقبين.
خلال قضائي العطلة الصيفية في الولايات المتحدة الأميركية، أتعمد أن أرفض مناقشة أي قضية سياسية مع الأصدقاء الأردنيين على الرغم من أنني أواصل تقديم مقالاتي الإسبوعية. أنني أؤمن بأن المرء لا يستطيع رؤية الغابة ما دام بوسطها. لذلك وجدت أن مراقبة الأردن من خارجه قد يساعدني على فهم ما يجري في البلد. وهنا بعض الملاحظات.
الملاحظة الأولى لها علاقة بحقيقة أنه لم يوجد برلمان في الأردن لمدة عام تقريبا وباتت السلطة مناطة بيد الحكومة. هذا الوضع هو - على أقل تقدير - غير صحي لأن آلية الضوابط والموازين والتي هي ضرورة أساسية لحياة سياسية سليمة غير متوفرة لدينا. على الأقل، يمكن للبرلمان أن يدعي أنه يمثل الشعب وهو ادعاء لا يمكن للحكومة أن تتدعيه لأنها ليست منتخبة من قبل الشعب ولم تحصل على الثقة من أي برلمان.
وأنا لا أقترح هنا أن الحكومة تفتقر إلى الشرعية، لكنها بالتأكيد ليست مُمثِلة. لا عجب أن السياسيين والنقابات يدعون أنهم يمثلون الشارع.
والأسوأ من ذلك هو حقيقة أن الحكومة تتنافس مع كل القوى الأخرى في المعركة في القول بأنها هي التي تعمل لصالح الشعب. إن ارتفاع الأسعار وتدهور مستويات المعيشة لدى الفقراء جعل من الواضح ان الحكومة تخوض معركة صعبة.
ولعل الدرس هو أنه ما كان على الحكومة السابقة التوصية بحل البرلمان في المقام الأول. ولكن بما أن هذا ما قد حدث، وبما أننا لا يمكننا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، كان ينبغي على الحكومة الحالية أن تخفف من هذا الخطأ عن طريق اجراء انتخابات عامة في وقت مبكر من هذا العام. إن التأخير في إصدار قانون الانتخابات أمر غير مبرر وقد أشبع الشكوك بأن الحكومة سعت الى تأخير العملية بقدر المستطاع لتتمتع بالحكم دون مسائلة من قبل البرلمان.
ونظرا لذلك، لا استطيع إلا أن استنتج أنه ليس هنالك أحد على استعداد لتحمل المسؤولية. ومن الأسهل بكثير لهذه الحكومة - على سبيل المثال - بأن تلقي لوم الخطأ هذا أو ذاك على الحكومة السابقة وبهذا يبدأ المرء بالتساءل عما ستقوله الحكومة المقبلة عن الحالية.
ومن التهكم أن أبقى نصف عدد وزراء الحكومة السابقة مناصبهم في هذه الحكومة. سيكون حقاً من المشوق الحصول على رأيهم حول الادعاء بأن الحكومة التي كانوا جزءا منها كانت هي المسؤولة عن كل المشاكل الاقتصادية في الأردن. وإذا وافقوا - وعلى الأرجح أنهم سيوافقون - فيجب على أحد ألا يستغرب لأن الولاء السياسي بات هو الاستثناء هذه الأيام وليس القاعدة.
وهكذا أرى الاردن من الخارج، وأشعر أن هناك الكثير الذي يتعين القيام به لإصلاح الوضع. يُتوقع من الحكومة إجراء انتخابات حرة ونزيهة في نوفمبر/تشرين الثاني. ومن الناحية المثالية، ينبغي أن تكون هذه الانتخابات نقطة تحول في الحياة السياسية للبلد وخطوة نحو الديمقراطية.
*عن الجوردان تايمز الثلاثاء 2010/7/20 ترجمة عن الإنجليزية