ليسوا نكرات ولا هم بملائكة !
شحاده أبو بقر
20-12-2021 08:37 PM
نكتب ثانية عن رجال الدولة رؤساء الحكومات السابقين الذين أبدوا آراء في الشؤون العامة للبلاد، ونستغرب ما تعرضوا له من إنتقادات من قبل بعضنا، وكأنه محجور عليهم التعبير ولو عن القلق، وهو قلق يعبر عنه الكثيرون من عامة القوم كل يوم وعبر المتاح من وسائل.
هؤلاء الرجال الذين سجلت عتبا عليهم لأنهم لم يلتقوا معا ذات يوم وعلى هيئة " لوبي " إستشاري ضاغط يقدم الخبرة والنصيحة، ليسوا نكرات على هامش تاريخ الأردن، بل هم "رجال العرش" في حقب عدة، ولهم إسهاماتهم غير القابلة للإنكار في خدمة الدولة والوطن والعرش.
وهؤلاء الرجال وكسائر خلق الله، ليسوا أيضا بملائكة منزهين عن الخطأ، بل لهم كذلك أخطاؤهم التي لا تطغى على تاريخهم الوطني الحافل بالتعب والعطاء كل بحسب إجتهاده وتقديره للأمور، وليس لي ولا لغيري إنكار ذلك.
المنطق من جهة، وسيرورة الحياة والنهج الحواري الديمقراطي من جهة، وبالذات في هذا الزمن "الخشن" الذي يجتازه إقليمنا وعالمنا ونحن معه، يقتضيان أن نتخلق بأخلاق الفرسان في حواراتنا وتعليقاتنا وحتى في خصوماتنا إن وجدت، تماما كما كان عليه حال الآباء والأجداد الغر الميامين الذين أسسوا وبنوا في الزمن الأصعب، ولم يفجروا يوما أبدا في خلاف أو خصومة.
بصراحة.. نحن بحاجة لأن نرتقي بالكلمة والموقف والرأي في تعقيباتنا وتعليقاتنا، فلقد عانينا طويلا وما زلنا من آفات النفاق والتسلق فوق أكتاف الكثيرين من رجال الدولة، حتى أجبرنا بعضهم أو معظمهم على التواري عن الأنظار وإلتزام البيوت خشية البلل إن هم غادروها.
عفاف الكلمة وشرف الخصومة ودفء الألسنة والقول الحسن في المجلس المتوتر، سجايا "الكبار" الذين لا ينزلقون قط إلى إنتهاز الفرص للشماتة أو الإنتقاص من دور ومكانة رجال الدولة أو تصيد هفوة لهم هنا أو هناك.
الأردن ومهما واجه من مصاعب وظروف قاهرة، يبقى الوطن الأكبر برجاله الشرفاء الذين يقلقون على الوطن وللوطن وليس على مصالحهم الخاصة وحسب، وهؤلاء لهم التقدير والإحترام حتى وإن خالفونا الرأي أو قست بعض تعبيراتهم، فلقد قلت أنهم ليسوا ملائكة منزهين، ولكنهم أيضا ليسوا نكرات يتجرأ عليهم وعلى آرائهم من هب ودب ومن لم يهب ولم يدب.
حمى الله الأردن وشعبه وقيادته وجيشه ومؤسساته. هو جل جلاله من وراء قصدي.