لغتنا الجميلة الفياضة بعبق الماضي اوالحاضر والمستقبل الباعثة على التفاؤل والأمل واستشراف المستقبل بازاهيرها المتفتحة المتجددة تشكونا بألم من هجرانها والابتعاد عنها بحجة صعوبتها وعدم تناغمها مع مقتضيات العصر لنجعلها جسرا نقفز عنه إلى المنحدرات والأدوية الجافة والسهول المقفرة تاركين وراءنا خصوبتها وضياءها وثمارها.
تشكونا اللغة العربية نحن أبناءها المقصرين في حقها الغائبين عن جمالها وغزارتها وزينتها حينما ترتدي أجمل حللها الزاهية واثوابها المزركشة والمرصعة بتيجان البلاغة وسحر البيان ونضارة البديع وعذوبة الكلمات واستقرار المعاني وزينة المباني وحسن الألفاظ ورونق المغازي.
يتحدث بها نحو نصف مليار من البشر ليسوا على قلب رجل واحد فلكل مجموعة لهجتها ولكل قائل قافيته ولكل متحدث طريقه وهذا لا يضيرها ولا يعيق زهوتها ونموها ولكنها بفصاحتها وقواعدها غابت عن الاذان وتلكأ المتحدثون بها بأخذ ناصيتها والاستئناس بصلابتها وجزالة الفاضها وعمق تأثيرها فآثروا العامية عليها حينما لم يدخلوا إلى كنهها والنهل من منابعها وسقي أصولها و فروعها وهضم نحوها وصرفها.
كم منا نحن أبناءها يتقن قراءة الفاظها وكلماتها وكتابتها واملائها وحركاتها وينطق بجمال صياغتها وغزارة معانيها وعذوبة مدلولاتها وكم غزونا العالم من أجلها الذين لو عرفوا منا أصولها وحبنا لها لآثروها على لغاتهم ومنطوقاتهم ولوجدوا فيها ضآلتهم واسمى غاياتهم.
شدوا ازر لغتكم واظهروا محاسنها وتغنوا بها وانشروها على الملأ بالروايات والقصص والاشعا والخطابات لتكون عونا لكم وسندا.