لو كنت وزير الصحة لفعلت هذا لمواجهة أوميكرون
د. أسامة أبو الرب
18-12-2021 01:18 PM
مع ظهور سلالة أوميكرون من كورونا، وسيرها قدما بالتفشي في العالم على مسار متسارع لانتزاع السيطرة من سلالة دلتا، ودخولها الأردن قبل أيام، صار واجبا اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الفترة الماضية في البلاد والتي أثمرت عن إعادة فتح المدارس والجامعات والمنشآت.
هناك إجراءات كانت فعالة في السابق، ولكن سلالة أوميكرون كما سوف أشرح في هذا المقال، تحتاج إجراءات أخرى.
أؤكد هنا بداية اعتزازي بالجهد الذي يقوم به وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، وكادر وزارة الصحة جميعا. وحتى يستمر هذا التقدم يجب تطوير استراتيجية جديدة، لأن أوميكرون فعليا هو فيروس جديد، وإن كان تحورا من كورونا، إلا أنه يتفوق عليه.
أولا هناك صفات يمتلكها أوميكرون تجعله خطيرا، أولها أنه سريع الانتشار، وتشير معطيات من بريطانيا إلى أن عدد الإصابات به يتضاعف كل 3 أو 4 أيام، وهذا يبدو أنه عائد إلى ارتفاع رقم التكاثر الأساسي له.
رقم التكاثر الأساسي رمزه R0، ويشير إلى متوسط عدد الأشخاص الذين يتوقع أن ينقل الشخص المصاب المرض إليهم.
بالنسبة لدلتا فإن رقم التكاثر الأساسي هو من 5-8، لأن هناك عدة دراسات ونتائج. أي أن كل شخص مصاب بدلتا ينقل العدوى إلى 5 – 8 أشخاص.
المعطيات المتوافرة تشير إلى أن معدل انتشار سلالة أوميكرون أعلى من معدل انتشار سلالة دلتا، بضعفين، أي نحن نتكلم عن رقم تكاثر أساسي يبلغ 10-16، أي أن الشخص المصاب بأوميكرون قد ينقله إلى 10 -16 شخصا! وهذا ينقلنا إلى الصفة الثانية التي يملكها أوميكرون، وهي قدرته على التحايل على الجهاز المناعي، ولذلك فهو يصيب الأشخاص الملقحين، بالإضافة لغير الملقحين.
المعطيات البحثية تدعم ما قلناه، إذ أظهرت دراسة أجراها علماء من جامعة أكسفورد قبل أيام أن جرعتين من اللقاحات غير كافيتين لمحاربة أوميكرون، إذ لا تقود إلى إنتاج أجسام مضادة كافية للتصدي له، مما يعني على الأرجح حدوث ارتفاع في الإصابات بين من تلقوا التطعيم، أو حتى من أصيبوا من قبل بكورونا وتعافوا.
هذه الأرقام ليست للتخويف، ولكن المعطيات تشير إلى أن أوميكرون أكثر انتشارا من دلتا، وهذا يدعم فرضية أن رقم التكاثر الأساسي له أعلى.
في 23 أكتوبر الماضي نقلت وكالة الانباء الرسيمة بترا تصريحات للدكتور الهواري، قال فيها "ان الحفلات والتجمعات ليست سببا في ارتفاع المنحنى الوبائي لأن من ارتادها هم ممن تلقوا اللقاح".
وقتها "أشار الهواري في حديثه لبرنامج ستون دقيقة.. أن الفئة التي يزيد عمرها عن 55 عاما لم يطرأ زيادة على نسبة إصابتهم بالفيروس، في حين ان 35 بالمئة من مجموع الاصابات اليومية اصبحت تعود الى الفئة العمرية من 10-17 عاما" .
الآن مع ظهور أوميكرون، وقدرته على خداع جهاز المناعة وإصابته الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من التطعيم، فإن هذا يعني أن الحفلات والتجمعات قد تسبب انتشارا كبيرا للحالات، حتى لو كان حضورها مقتصرا على الملقحين. لذلك من الضروري إيقاف إقامة التجمعات حاليا.
أيضا المطلوب إعادة التشديد على معايير السلامة، وارتداء الكمامات سواء في الخارج أو الداخل، والحفاظ على مسافات التباعد الاجتماعي.
الخطوة الأخيرة التي يجب تسريعها دون تباطؤ، هي إعطاء الجرعات المعززة. إذ قبل أيام حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن جرعتي اللقاح لن تكونا كافيتين لاحتواء سلالة أوميكرون.
بالمقابل تشير المعطيات البحثية إلى أن الجرعة الثالثة من اللقاح تزيد مستويات الأجسام المضادة في الجسم بشكل أعلى من جرعتين فقط من اللقاحات، مما يساعد الجسم في التصدي لأوميكرون، وبالتالي تقليل معدل انتشاره.
نحن نواجه فيروسا جديدا، وما زال العلماء يتعلمون عنه، ولكن قدرته على إصابة الملقحين الذي تلقوا جرعتين تهدد المكتسبات التي تحققت.
يجب أن تخاطب وزارة الصحة الشارع الأردني، وتشدد على ضرورة تلقي الجرعات المعززة، وتلقي التطعيم للذين لم يتلقوه حتى الآن.
الحركة الاقتصادية مهمة، وهي عصب البلد، وحتى لا يتراجع الانتعاش الاقتصادي والتعافي الذي تحقق، يجب منع التجمعات والحفلات مؤقتا، فأوميكرون يستطيع التسلل خلالها، ولا يقف التلقيح أمامه.
أما إذا تفشى أوميكرون، فإن هذا قد يؤدي إلى الحاجة لإجراءات قاسية، ونعود للإغلاقات الكبيرة التي عشناها خلال السنة الأولى من انتشار كورونا، وهذا ليس في صالح البلد واقتصاده.
تشديد الإجراءات الآن ضروري، وذلك لفترة مؤقتة حتى نرفع نسبة الذين تلقوا الجرعة المعززة من التطعيم، وأيضا ريثما يتمكن العلماء من فهم أوميكرون أكثر.
معركتنا مع كورونا وسلالاته مستمرة، ولكننا بتعاون الأردنيين جميعا قادرون على الانتصار فيها.