ليس سرا على احد ان المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تقوم بشراء سندات الخزينة دعما للحكومة الاردنية مقابل فائدة سنوية تتراوح ما بين 4-6 % وقد وصلت التقديرات لهذا الاستثمار حوالي 16 مليار دينار مما خفف من المديونية الخارجية وزاد من المديونية الداخلية للحكومة الاردنية، وقد يكون في ظاهر هذا العمل انجاز وطني يتمثل في تخفيف الضغوطات الخارجية على الاردن وفي الحقيقة هذا الاستثمار يضر كثيرا بالاقتصاد الاردني ولتفسير ذلك اوضح الامر بما يلي:

من المفروض ان تقوم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي باستثمار الاقتتطاعات الموردة اليها عن المؤمن عليهم خلال فترة عملهم ومن ثم صرف رواتب تقاعدية لهم بعد احالتهم على التقاعد حتى ينعموا بحياة مريحة نهاية اعمارهم وحتى نوضح للجميع اعتراضنا على ما ورد في الفقرة الاولى من المديونية الداخلية فأن نسبة الربح 6% لا تكفي كاستثمار لتغطية الرواتب التقاعدية، وبما ان الحكومة تحصل هذه النسبة من مواردها ومن مواطينها فبالتالي زاد العبء على المواطن من دون انجاز، اي ان الضمان الاجتماعي عاد بالاستثمار على جيب المواطن بشكل غير مباشر بينما لو استثمر الضمان الاجتماعي هذه المبالغ في مشاريع تهدف الى تشغيل الايادي العاملة وحل مشكلة البطالة المتفشية في الاردن والتي تجازوت بالتقارير الرسمية حاجز 28%.

فتخيلوا معي ان الضمان الاجتماعي قام بانشاء العديد من المشاريع الاستثمارية وعمل على تشغيل الايادي العاملة الاردنية واخضعها للضمان كما هو القانون لزاد من موارده بشكل مباشر من الارباح وغير مباشر من الاقتطاعات التأمينة، وساعد في تحسين موارد الدولة بعيدا عن جيب المواطن.

واسهل حل من الممكن للضمان الاجتماعي ان يضع التعليمات وبسهل قيام المتقاعد بسحب ما يعاد 12 الى 18 شهر من رواتب التقاعدية مقابل انشاء مشروع خاص باحد ابناءه، واجزم ان الاباء لا يعارضون على خطوة كهذه تؤمن سيولة مالية للاباء لمساعدة ابنائهم في اقامة مشاريع جديدة لهم تساهم في حل جزئي لمشكلة البطالة.

وهنا يقوم المعطلون للاستثمار في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بوضع الفرضيات على ضياع هذه الاموال وتكبيد الضمان الاجتماعي خسائر لا حصر لها، وللرد على هذا سهل – تكون قيمة القرض الحسن ما يعادل رواتب المتقاعد لمدة 18 شهرا مع خصم نسبة تأمين على هذه القروض من كل المقترضين تغطي من قد يتوفى منهم اثناء هذه الفترة – وعلى سبيل المثال لو كان المتقاعد يتقاضى 300 دينار شهريا، فأن مجموع الرواتب التقاعدية ل 18 شهر 5400 دينار نحتفظ بـ 400 دينار كتأمين ونصرف له ولابنه 5000 لاقامة مشروع مدروس منتج لا خسارة على الضمان كونه يصرف للمتقاعد رواتبه من ذاته وهو من يتحكم بالصرف دون تدخل من خارج المؤسسة، وكونه يقوم بحجز نسبة 7.5% من الرواتب يتحقق الامان لاموال الضمان.

لكن واقع الحال ان الضمان الاجتماعي يسعى لتحديد السقف الاعلى للرواتب، وتقليل سنوات التقاعد من خلال تأخير التقاعد المبكر، واعتماد نصف المدة الخاضعة للضمان ما دون الثلاثين عاما من العمر، اضافة الى زيادة الاقتطاعات التأمينة والتي ارتفعت من 14% الى 21.75% وعلى وعد ان ترجع الى النسبة السابقة بعد تعديل وضع الضمان ولكن هذا لن يحصل.