مليارات للقذائف، ملاليم للثقافة !!
الأمم الحرة التي تحارب التطرف والإرهاب، تعرف قيمة طاقة التنوير والفكر والثقافة، ودورها الحاسم في اجتثاث شروره.
لكن الغريب أنّ هذه الأمم، لا ترصد مخصصات كافية مؤثرة، لمكافحة فكر الغلو والتعصب والتكفير والإرهاب.
المسكوت عنه هنا، هو استمرار عدم المكافحة، على الجبهة الثقافية. فهزيمة الإرهاب عسكريا هي كسب معركة تعيقه وتجتثه من منطقة جغرافية ما، كما حصل حتى الآن. لكن الإرهاب يكمن إلى حين الفرصة المواتية، ليطل من جديد، باسم جديد وبأدوات جديدة.
مكافحة الإرهاب ثقافيًا، هي التي تستأصله وتقتلع جذوره من تربته.
عشرات مليارات الدولارات والفرنكات والريالات والماركات، تنفق على الحرب الكونية المحتدمة لمكافحة الارهاب.
بوارج وأساطيل وحاملات طائرات وأسراب طائرات حديثة وغواصات وصواريخ مجنحة وأخرى جو-جو وارض-ارض وأقمار صناعية وآلاف الكوادر الفنية العسكرية المحترفة كطيارين وخبراء إشارة ورصد وتتبع اتصالات وتحليل بيانات واستخبارات وجواسيس، ومؤتمرات وتسليح فصائل متطرفة وإرهابية من كل الجنسيات، ورشىً لأمراء الحرب السياسيين والعسكريين.
الثورة الفرنسية من أجل الحرية والإخاء والمساواة، مهّد لها فلاسفة التنوير الفرنسيون، أمثال جان جاك روسو، الذي اعتبر العالمُ كتابه العقد الاجتماعي «إنجيل الثورة». ومونتسكيو وديدرو وفولتير، الذين احتاجوا قرنا كاملا لهزيمة قوة التنوير الديني الأصولي، بقوة التنوير الثقافي المدني العلماني، على قاعدة «ان التحرر من النزعة التراثية الإنغلاقية، يكون من خلال التشبع باللاهوت والاختناق به، كشرط للتخلص منه» كما يقول الكاتب هاشم صالح.
أليس تنظيم داعش هو ابن الأفكار الموجودة في كتاب صغير من 112 صفحة، هو «إدارة التوحش» كتبه شخص باسم مستعار هو أبو بكر الناجي ؟!
هزيمة الإرهاب تتم بسلاح ثقافي يهزم بداية وحشية أبي بكر الناجي وزمرة من الدعاة الدمويين، الذين تعربشوا على التنزيل الحكيم، فقرروا التأويل، حسب إدراكهم وتكوينهم الثقافي الضحل، ومعارفهم المشوهة، المستمدة من نجاحهم في إغلاق باب الاجتهاد، وتعطيل العقل، الذي صنع حضارة إسلامية عظيمة، أثْرت الإنسانية وما تزال.
وحق أن نسأل، والموازنة قيد البحث في مجلس الأمة: ما هي مخصصات وزارتي الثقافة والشباب ؟!
الدستور