الاستقلال المائي احد اركان السيادة الوطنية
كمال زكارنة
16-12-2021 02:19 PM
لا نبالغ اذا قلنا ان الاعتماد على الذات مائيا، والاستقلال المائي بمعنى عدم اللجوء لأحد من اجل تأمين جميع احتياجاتنا المائية لكل الاغراض والاستخدامات، يعتبر احد اهم ركائز واركان السيادة الوطنية، لان الدولة التي تبرم عقود شراء القمح والعدس والشعير والارز والمواد الغذائية الاخرى، تستطيع ان تغير وتبدل الجهات الموردة لأي من هذه المواد، واستبدالها بدول وجهات اخرى دون ان يكلف ذلك اي عناء او صبر او تحمل اضافي لاي كلفة، سواء مادية او نفسية، كما يستطيع الشعب الصبر والصمود، وتحمل عدم وجود اي مادة غذائية اياما واسابيع وربما اشهر، لانه يمكن تعويضها بمواد اخرى كثيرة وبديلة، لكن لا يمكن لبني آدم ان يصبر ويتحمل الحياة بدون ماء خمس دقائق، فكيف لنا ان نسلم مفاتيح الصنبور لطرف آخر كي يتحكم بعطشنا وارتوائنا.
يبرر البعض عدم اعتراضه على اتفاق النوايا مع الكيان، او موافقته على الاتفاق لعدم وجود البديل، رغم ان البدائل موجودة وكثيرة، اولها واهمها، المشروع الوطني الاستراتيجي وهو تحلية مياه البحر الاحمر ونقلها الى المحافظات، ويمكن الاستعجال بهذا المشروع وانجازه في وقت قياسي، من خلال اشراك القطاع الخاص ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وهذا يتطلب توفير الضمانات اللازمة للمساهمين بالمشروع وخلق الثقة لديهم بعدم الخسارة، وان اموالهم المستثمرة بهذا المشروع في أمان ولن تضيع، ثانيا،الحد من الفاقد وتغليظ العقوبة عشرات الاضعاف على كل يد تمتد على مصادر المياه وخطوط وشبكات المياه، بطريقة غير مشروعة بقصد السرقة والاستخدام غير المشروع، لان الاعتداءات على مصادر المياه تقدر بحوالي 130 مليون متر مكعب سنويا، وهذا يتجاوز طاقة مشروع الديسي بعشرين مليون متر مكعب، اذن يجب حماية مصادر وخطوط وشبكات المياه من المعتدين، وكذلك تحصيل اثمان المياه لا يجوز التهاون به، وهذا كله يتطلب دعم الاجهزة الامنية والقضائية لقطاع المياهووزارة المياه والري بسلطتيها المياه ووادي الاردن.
ثم اعادة تأهيل شبكات المياه تدريجيا وتخفيض نسب الفاقد في الارض، واصلاح وصيانة الخطوط الناقلة وحمايتها من الاعتداءات المتكررة عليها، ووقف الاعتداءات على قناة الملك عبدالله.
جميل وايجابي هذا الاشتباك المائي الدائر حاليا، لكن غير الجميل هذا الفيضان من الفتاوى المائية، التي تنهال من كل حدب وصوب، فمن الافضل ان يتحدث بموضوع المياه الخبراء والمختصين واصحاب القرار، حتى لا تضيع الآراء والحلول والطروحات الصائبة والصحيحة وتصبح كغثاء السيل.
اعتقد ان الوضع المائي في هذا الوقت يتطلب تشكيل مجلس مائي قويّ، مؤلف من الخبراء والمختصين الحقيقيين بعيدا عن الواسطة والمحسوبية، وليس على طريقة انشاء الهيئات المستقلة، بحيث يكون عمل المجلس تطوعي دون رواتب، وان يكون مربتط بشكل مباشر مع رئيس الوزراء لا يخضع لاية ضغوطات.
الاعتراض على اتفاق النوايا يهدف الى عدم وضع الاردن في قفص الضغوطات والابتزازات والاستفزازات الاسرائيلية، خاصة اننا لدينا البدائل التي يجب استغلالها بشكل جيد وسريع.