نصب جام غضبنا على الموظف العام اتهاما بالتقصير والتسويف والمماطلة واللامبالاة والبعد عن الحماس والإبداع والدافعية وغيرها من الاتهامات، نتفق ان كثير مما ذكرنا وغيرها موجود في كثير من موظفي القطاع العام يشاركهم في ذلك موظف القطاع الخاص وإن كانت بنسبة أقل.
ولكن ومن قبيل الانصاف علينا أن لا ننظر إلى الصورة من بعد واحد ونترك الأبعاد الأخرى، فالموظف في الغالب متلق للأوامر والتعليمات والطلبات من المستويات الإدارية الأعلى، ولا مجال له في كثير من الأحيان للتحرك قيد أنملة خارج قيود التعليمات والأطر القانونية الأخرى التي يزيد حدة قيدها مسؤول مرتبك قلق مهزوم من داخله، لا يرتاح ولا يريح، فيكون الموظف (كمتلق) مقيد بكثير من القيود التي مع الزمن تكبله ولا تدع له مجالا للحركة بل تدفعه دفعا إلى الإحباط واليأس والخوف والتردد والضعف واللامبالاة، لأن القاعدة الإدارية تقول (لا يوجد فريق عمل فاشل ولكن يوجد مدير فاشل).
ناهيك عن الوضع المتردي للرواتب والزيادات السنوية والانصاف والتحفيز والترقية.
ولقد جالست كثيرا من موظفي القطاع العام الذين يقفون على مفترق طرق بين قناعاتهم وإرضاء ضمائرهم وحاجة الناس والتخفيف عليهم وإدارات متخبطة ضعيفة تمشي خبط عشواء.
فهذه دعوة لأن ندرك موظف القطاع العام بالتفاتة حقيقية جادة لتخليصه من المتاهة التي يعيش والتي انعكست وستنعكس نتائجها حكما على ذاته وادائه وأسرته وأداء مؤسسته وخدمة جمهوره وبالتالي على النسيج المجتمعي لأن الطاقة السلبية كالمرض المعدي تنتشر وتنتقل بالعدوى.
وعن الحلول فمنها: تحقيق العدالة الاجتماعية حتى يطمئن الموظف على الأقل على استقراره وأمنه، وجود معايير جادة للتقييم وللترقية، إعمال القانون وتسييده عملا لا قولا، وضع قيادات قادرة على إدارة مؤسساتها من أصحاب الفكر والرؤى، زيادات مالية سنوية وتدبيرها بأية طريقة (في ظل الأوضاع المالية للدولة) على أن لا ننظر إلى الزيادات هذه على أنها عبء بل هي استثمار في المورد البشري، دورات تدريبية هادفة وفق الحاجة، إلى ما غير ذلك من بعض الحلول التي تحتاج إلى قرارات وارادة حقيقية وليست بالضرورة مرتبطة بالتكلفة المالية.