الكثيرون يرجعون أسباب ازدياد أعداد الاصابات بفيروس كورونا في الآونة الاخيرة إلى سوء في إدارة هذا الملف، حتى أن البعض ذهب ابعد من ذلك ليقول، أن قلة عدد الاصابات في الدول المجاورة ما هي إلا الدليل على سوء إدارة ملف كورونا محليا.
ومن منطلق وجهة نظر اخرى، يرى الكثيرون وأنا منهم أن الأردن قد ابدع في ادارة ملف كورونا منذ انتشار الجائحة عالميا. فقد كان لدي اهتمام كبير في متابعة تطورات انتشار الوباء على محطات التلفزة العالمية والمحلية، ومنها توصيات مركز مكافحة الامراض والوقاية الاميركي CDC ومقارنة ذلك بما يدور على الساحة الاردنية، واستطيع ان اجزم بان جميع المعلومات حول هذا الفيروس كانت متاحة للشعب الاردني يوميا، من خلال المؤتمر الصحفي اليومي لخلية الازمة، بالاضافة الى التوعية الاعلامية التي تبث على وسائل الاعلام المختلفة على مدار الساعة،. ولابد ان اشيد بسياسة التدرج في اتخاذ الاجراءات العملية، التي بدأت بالحظر الكلي ثم الجزئي، ومنها ايضا تطبيق الحجر المنزلي والمؤسسي على المصابين، وتشكيل فرق التقصي الوبائي والمتابعة، ولا ننسى ايضا اننا من اوائل الدول التي اغلقت المطار، ومن ثم اعادت فتحه بشكل منضبط، واصبح التسجيل لدخول الاردن لا يشكل عقبة امام المسافرين، بل على العكس ابدى الجميع اعجابه وارتياحه في الاجراءات السهلة والسريعة منذ بداية التسجيل على منصة visit Jordan وحتى الخروج من المطار، بينما في مطارات كثيرة في دول العالم، معاملة المسافرين سيئة للغاية، واصبحت بعض المطارات خاوية من المسافرين والكآبة والحزن يخيم على تلك المطارات حتى يومنا هذا.
اضف الى هذا كله، تم انشاء المنصة التي اتاحت لجميع الاردنيين اينما كانوا في العالم التسجيل عليها لاخذ المطعوم، واتاحة المنصة للمقيمين على اراضي المملكة امكانية التسجيل لاخذ المطعوم، بينما دول كثيرة منعت ذلك عن المقيمين على اراضيها. فبمجرد اخذ المطعوم يأتيك رسالة فيها تأكيد على ذلك،ورسالة اخرى بموعد الجرعة الثانية مع رابط لتنزيل شهادة المطعوم.
من دواعي الغرابة عندما نسافر الى خارج الاردن نلتزم بكافة القوانين في تلك الدول التي نعمل او نقيم فيها بشكل يثير الاعجاب، بينما بمجرد عودتنا الى ارض الوطن، نكسر القوانين بطريقة لا تعكس قيمنا الاردنية الاصيلة، وننتقد بطريقة سلبية كل ما هو ايجابي، هدفها الهدم لا البناء،. فعلى سبيل المثال، اثناء بدايات ازمة كورونا، قامت احدى شركات الطيران العالمية بابلاغ الركاب بان وجبات الطعام تم نسيانها في بلدها الاصلي، ولم يشك احد من هذه الغلطة، فقلت في نفسي لو حدث ذلك على متن طائرة للملكية الاردنية لربما تكون نهاية العالم في نظر بعض المسافرين.
بقي ان نقول، لدينا متابعة حثيثة ودقيقة لعدد الاصابات في الاردن، لوجود الامكانيات الفنية التي سخرت في هذا المجال، بينما في الدول المجاورة عدد اصابات كورونا التي تنشر يبدو انها لا تعكس واقع الحال الحقيقي لعدد الاصابات، ربما لضعف البنية الفنية التحتية لديها، او لاسباب اخرى.
فمن ما تعلمناه حول طرق مكافحة فيروس كورونا والوقاية منه، فإنها تعتمد على الالتزام بلباس قناع الوجه «face mask», وتعقيم الايدي واخذ الثلاث جرعات من مطعوم فيروس كورونا. والمسؤولية الاولى في هذا الاطار، تقع على عاتق المواطن، اما المؤسسات الحكومية والخاصة مطالبة بالتشدد في تطبيق القانون عند استقبال المراجعين او الموظفين، للتخفيف من انتشار الوباء بقدر المستطاع، واما فشل الشخص في التقيد باجراءات مكافحة الفيروس التي اصبحت معروفة للجميع وسهلة التطبيق، تؤدي الى عواقب صحية وخيمة على الجميع.
ليس الاردن وحده الذي يئن تحت مطرقة الضائقة الاقتصادية، بل كثير من الدول تمر في هذه الظروف، وهذا لا يعني ان نستكين، بل علينا جميعا ان نتكاتف، وخصوصا القطاع المصرفي، المطالب بمنح المزيد من القروض لتنشيط الحركة الاقتصادية، وخصوصا في المحافظات التي تحتاج الى خطة اقتصادية خاصة بها، للتخفيف من وطأة البطالة التي وصلت الى نسب مرتفعة جدا وغير مسبوقة.
waelsamain@gmail.com
الرأي