«ليس شَرْطاً أَنْ تكون الغُربة في «الخارج».. ولا هي كذلك في «الدّاخل».. ولكنّها يُمكن أن تكون فيك أَنت!!
الغُربةُ مُرّةْ!
والشّاعرُ -حين يغيبُ عن الأحبابِ..
كمن يَحْفِرُ بيديهِ قَبْرَهْ!
هل يملكُ طِفْلٌ -والشَّاعرُ طِفْلٌ- أَمْرَهْ؟!
نَوّرَ يوماً، فَوْقَ الرَّمْلِ الأَسْمرِ
قَمَرٌ أَخْضَرْ
كان الشّاعرٌ -والشّاعِرُ طِفْلٌ-
يلهو بالكَلِماتْ
ويعيشُ على جَمْرِ الآهاتْ..
.. كانَ يُغنّي موّالاً للغُرْبةْ..
والشَّاعرُ -حين يُغنّي- يَقْتُلُ غُولَ الصَّمتْ!
والليلُ هُنا.. قَبْرٌ يَدْفِنُ فيهِ الشَّاعِرُ نَفْسَهْ!
الليلُ رَهيبٌ مِثْلُ المَوْتْ!
والشَّاعرُ -حين يُغَنّي-
يُنْقِذُ من أَنيابِ الوَحْشَةِ، حِسَّهْ
ضَحِكَتْ عيناهُ.. بكت عيناهْ
نَبَتَتْ فوق جدارِ «السِّجْنِ القاتلِ» زَهَرةْ
وانْسَرَبَتْ، من بينِ تلالِ الملحِ الأسودِ- آهْ!
حَبّةَ فَرَحٍ، يا اللهْ!
تُنْقِذُني من أَنيابِ الغُولِ: الوَقْتْ!
يا أَحبابْ!
لم يُنْقَرْ من شَهْرَينِ البابْ
أصغيتُ طويلاً.. لم أَسْمَعْ إلاّ صَمْتَ الأعتابْ!
حَدّقتُ طويلاً في العَتْمَةْ
لا شَيْءَ سوى العَتْمَةْ!
سِرْدابٌ داخِلَ سِرْدَابْ
كان الَقَمُر سَراباً..
بَعْدَ سرابٍ، بَعْدَ سَرَابْ!!
(الدستور)