ما زالت حالة عدم اليقين تتعمق داخل المجتمع وبين ابنائه على مختلف الطبقات الاجتماعية والشرائح العمرية نتيجة انعدام الثقة وعدم وجود حلول حقيقية على ارض الواقع في وقت ينتظر فيه الناس اجراءات حقيقية وتنفيذ الخطط والوعود الحكومية منذ سنوات.
الخوف من المستقبل بعد ان ضاقت الخيارات امام الناس الذين يعيشون اوضاعا معيشية صعبة اثرت على الحالة النفسية المحتقنة اصلا ، بعد ان ضاقت بهم سبل العيش وصعوبة تدبير حياتهم اليومية حتى على اضيق الحدود.
وفي ظل هذه الظروف وفقدان حالة الامل عند الناس بعد سنوات من الانتظار ، تراكمت خلالها الاحتقانات وحالات الاخفاق التي اصبحت بادية على الوجوه والتصرفات في التعامل مع اي قضية او عند اي منعطف واصبحت مهيئة للانفجار في اي لحظة او وقت ، دون الالتفات لاي حسابات او تقديرات.
فكما ان الاوضاع الاقتصادية تعتبر صمام امان لاي مجتمع كحال قضايا اخرى فهي ايضا الدافع الرئيسي والمحرك الاهم في تحفيز حالة الكبت ودفعها نحو الانفجار ، لان الناس بامكانهم الصبر على اي حالة او وضع سياسي مهما كان ، لكن لا يمكنهم الصبر على الجوع والفقر والحرمان وحالة البؤس في اجواء مغلفة بالمجهول واليأس.
لان السياسة لا تطعم خبزا ، ولا تغيث ملهوفا ولا تداوي مريضا ولا تفتح مدرسة ، وحتى لا نذهب إلى تفسيرات او تأويلات فاننا لا ننكر أهميتها ودورها في الاستقرار والنهوص .
وحتى نتقبل الاجراءات المنتظرة ونتفاعل معها ونتشابك مع مخرجاتها ونشارك في صياغتها ونساهم في نجاحها و نكون جزءا منها ، علينا ان نتجاوز فقرنا ونداوي مرضانا في توفير قطاع صحي والنهوض بالواقع التعليمي بعد معالجة الاوضاع الاقتصادية والاختلالات باجراءات عملية واقعية يلمسها الناس لا مجرد وعود اوكسبا للوقت .
فالناس ملت الخطابات كما ترفض الشعارات واخذ صبرها ينفد، واصبحت تعيش واقعا مختلفا وعزلة شبه كاملة وحالة انفصال عن محيطها ووطنها الذي غاب عنه بعض مسؤوليه وبعض نخبه ورجال الاعمال والاقتصاد الذين يتعاملون مع الوطن كجواز سفر ، او محطة للاستفادة دون الالتفات له او تقديم اي تضحيات في وقت يستثمرون في الخارج ويضعون اموالهم في بنوك خارجية لا يربطهم في الوطن والأرض الا مصلحتهم ومدى استفادتهم ومنفعتهم.
هذه الاوضاع انتجت حالة وطنية معقدة يصعب فك رموزها او قراءتها من زاوية واحدة بعد اخفاقات عديدة وتراكم العديد من الملفات ، دون حلول.
كما تخلى البعض عن مسؤوليته تجاه وطنه وأبنائه بعد ان امتلات بطونهم من خيراته لا يتقنون الا فن النكران والنقد والذم احيانا.
نعم وكما قال احد المسؤولين ان خوفنا ازداد ونسبة الادرينالين ارتفعت في اجسامنا بسبب الاوضاع المعيشية مما ينذر بعواقب وخيمة لا سمح الله اذا لم نتدارك حالنا ونلتفت لأوضاعنا ونبدأ بمعالجات حقيقية ،لان تحرك الجياع ليس له ضوابط ويصعب السيطرة عليه او التعامل معه .
(الدستور)