متلازمة القلب المكسور ما بين العاطفة و الحالة الطبية
د. حنين عدنان عبيدات
15-12-2021 01:26 AM
يعيش الإنسان في صراع ما بين العقل و القلب ، من خلال القرارات و الفعل و ردات الفعل ، و في مستوى العاطفة ، و في الخيبات و الصدمات و المنغصات و الآلام ، و يعيش أيضا حالات من الفرح و الحدث الإيجابي المفاجئ.
في ذاكرتنا كثير من التقلبات الموجعة ، و في جعبتنا روايات تشهد عليها نفوسنا الصابرة ، و على جدران الزمن خطت أقلامنا مشاعر متناقضة و منتفضة ما بين حزن و غضب و تعب و جهد و هم و فرح و أحداث إيجابية و سلبية مفاجئة ، و ما تحملت أرواحنا من أسى و كرب و بؤس و شقاء و خوف على الذات و على الآخر ، و توتر و إجهاد حتى لهثت الأنفس تعبا ، و انتفضت الأجساد قهرا.
كل هذه المشاعر التي تجرعتها أجسادنا المتعبة و نفوسنا الملتهبة و أرواحنا المتوفية ضغطت على القلب فأتعبته ، و جعلته يدق بسرعة كسرعة النار في الهشيم .
في ظل ما يشهده العالم من تقلبات و صراعات و تغيرات ، و ما تشهده المجتمعات من تحمل و صبر للحصول على لقمة العيش ، و ما يتحمله الإنسان من صدمات عاطفية و أخبار تتعب النفس ، و خيبات في العلاقات الإنسانية و لربما أيضا أحداث سارة مفاجئة لم يتحملها القلب ، ليصل إلى ما يسمى بمتلازمة القلب المكسور ، القلب الذي تتقطع أوصاله خيبة و صدمة وفجعا ، و ربما من شدة الفرح و الخبر الجيد غير المتوقع و الخوف و التوتر من الحوادث و مجريات الأمور التي تسبب تغيرات سلبية قد يتعطل بسببها جزء من القلب.
ماذا نعني بمتلازمة القلب المكسور طبيا ؟
هذه المتلازمة ( تاكوتسوبو) عبارة عن اعتلال مؤقت يصيب عضلة القلب بسبب الإجهاد النفسي و الجسدي القوي و الحاد ، فيسبب زيادة هرمونات الإجهاد (الأدرينالين ) ، و يحدث تضيّق مؤقت في شرايين القلب و هذا قد يضعف البطين الأيسر للقلب فيضغط على ما تبقى منه و يجهده و هذه الحالة تعتبر سلبية على صحته و تسبب له جهدا زائدا .
و في ظل الجائحة التي اجتاحت العالم من عامين (جائحة كورونا) بينت بعض الدراسات الحديثة أن متلازمة القلب المكسور قد زادت في العالم بنسبة أربعة أضعاف بسبب حالة التوتر و الخوف التي سيطرت على الأفراد و أصبحت أكثر انتشارا بين المرضى الذين يعانون من أعراض القلب.
**الفئات التي تصيبهم هذه المتلازمة :
تصيب النساء في منتصف العمر و الأكبر سنا أكثر من الأصغر سنا و مقارنة بالرجال إصابة النساء أكثر من الرجال لأنهن يتعرضن الإجهاد و التوتر أكثر ، و تصيب الرجال ما بعد الخمسين عاما بنسبة أكبر من الأصغر سنا .
** أعراض متلازمة القلب المكسور :
1) التعرق وآلام الفك و ألم مفاجيء في الصدر لدرجة الشعور بنوبة قلبية مفاجئة .
2)آلام الذراع اليسرى والغثيان والقيء والدوار و ضيق في التنفس .
3) خفقان القلب و تعب في المعدة .
وقد تكون الأعراض مشابهة لأعراض النوبة القلبية فتحتاج الحالة إلى زيارة الطبيب و المستشفى ، و قد تسبب المتلازمة آثارا جانبية طويلة المدى تسبب خلالا في وظائف القلب.
بعض الأدوية قد تسبب زيادة في هرمونات التوتر و قد تسبب متلازمة القلب المكسور ، مثل بعض أدوية الربو ، و أدوية الغدة الدرقية ، وبعض أدوية الإكتئاب، وقد يصاب بعض مدمني المخدرات (الكوكايين مثلا) بمتلازمة القلب المكسور بسبب حاجتهم الشديدة للمادة.
**من مضاعفات متلازمة القلب المكسور:
هبوط في ضغط الدم ، توقف نبض القلب ، ومع تكرار الحالة قد يسبب مرض في القلب أو فشل في القلب و غيرها.
**العلاج :
في حال تم تشخيص حالة المريض بأنها ( متلازمة القلب المكسور ) فإن الطبيب في المستشفى سيعطي المريض بعض الأدوية التي قد تخفف الجهد عن القلب ، كمدرات البول ، و بعض أدوية القلب مثل (مثبطات مستقبلات الانجيوتنسن ٢) (Candesartan) أو (مثبطات بيتا أو مثبطات الإنزيم المحول للإنجيوتنسن (Enalpril) ، و من الممكن أن تستغرق المتلازمة من ساعات الى شهور .