ما كانت التحديات الداخلية في الاردن يوماً كما هي عليه اليوم , ولا اقل من ذلك مستوى التحديات الاقليمية وامتداداتها الأبعد. كما لم يعد الانفراج بعيداً مثلما هو اليوم. ويقلق كثيراً هذا التزامن الآخذ بالتزايد بين التحديات الخارجية الداخلية بعد ان قفزت اسرائيل مؤخراً الى ما بعد خطوطنا الخلفية.
قطعاً لم توقع اسرائيل اتفاقية وادي عربه لكي تحمي نفسها من الاردن . نحن من نحتاج الى الحماية وسعينا للتوقيع من اجلها. اسرائيل كان هدفها الاول التطبيع مع الاردن ليتاح لها التسلل الى المنطقة العربية.
سلوك الاردن بعد توقيع الاتفاقية كمن ضمن الحماية لنفسه فأدار ظهره لمشاريع السلام والتطبيع تصالحاً مع جبهته الداخلية. المشروع الوحيد الذي تم تنفيذه على مدى 27 عاماً مضت من عمر الاتفاقية هو مشروع الغاز. قابلت اسرائيل ذلك بعدم الالتزام بكامل حقوقنا المائية ثم توقفت عن السير في مشروع ناقل البحرين بما يهدد الامن المائي للاردن.
لم يكن ليسر اسرائيل ايضاً دفاع الاردن وقيادته عن الحق الفلسطيني ودعمه المستمر لشعب فلسطين ، ولا الدور المميز والمؤثر لجلالة الملك في الحفاظ على حضور القضية الفلسطينية بعد ان كاد يغيب خلال فوضى الربيع العربي . وازعجها اكثر رفض جلالته لتجديد اتفاقية زراعة اسرائيل لاراضينا في الغمر والباقورة ثم رفضه لصفقة القرن المشؤومة.
لتعلم ان اسرائيل تحيط بنا اليوم لشديد الاسف من بعض العواصم العربية، وامريكا هي من تحتفظ وحدها بمفتاح أموال المساعدات، ونحن نفشل في ادارة شؤوننا المحلية، فيتراجع اقتصادنا , وتتراجع ادارتنا وتتراجع استثماراتنا لتزداد البطالة وتتوسع جيوب الفقر.
حق لنا ان نقلق اليوم كما لم نقلق من قبل، وصار علينا أن نقف كما لم نقف من قبل مع انفسنا ومع بلدنا ومع قيادتنا ومع نظامنا بإصلاح سياسي واقتصادي واداري سريع وغير مسبوق.