انتفخت أوداج المدرس ,واحمرت عيناه كجمرات ملتهبة ,وصاح مزمجرا , بصوت مرعب ,هيا أيها الشيطان الصغير ,اركع على ركبتيك ,مد ساعديك الى الأمام ,وضع أصابع يديك على الأرض ,هيا بسرعة ...!!!
انتفض الصغير وركع على الأرض الخشنة ومد ساعديه ,استعدادا لمرور الأحذية, التي بدأت تدوسها بقسوة ,وقف المدرس مسرورا تعلو وجهه ابتسامة خبث وشماتة ,يرقب مشهد طلاب الصف يتناوبون على دوس الأصابع الغضة الممدودة أرضا ,صرخات الألم وأنات الأهانه الصادرة عن الصغير, سنين عمره التي ما أكملت عدد أصابع يديه الداميتين , كلها لم تحرك شعاع رأفة في قلب المدرس ,وحين جاء دور آخر التلاميذ ,كانت الدماء تغطي يدي الصغير ,ولم يقوى علىالأستمرارفي الركوع فتهاوى أرضا ,وعندها صرخ المدرس بالتلميذ تابع مسيرك فوق بطنه , بسرعة والا وضعتك جانبه ..
هذه القصة المريرة قرأتها في تقرير حول العنف المدرسي الذي يمارس من قبل بعض المدرسين على طلابهم في احدى الدول الشقيقة ...واذا سأل أحدكم ,عن الجرم الذي ارتكبه هذا الطفل , فالجواب ببساطه انه لم يقوم بعمل الواجب البيتي ....!!.ورد في التقرير أصناف من التعذيب والعقاب, تقشعر لها الأبدان, تمارس بكل برود على أطفال بريئيين .....أردت من سرد هذه القصة, التي ما ان يسمعها البعض منا , حتى يعلو صوته , لا يوجد لدينا مثل هذه التصرفات ,.......ولكن وبكل أسف أقول له , أنه بيننا , نحن الذين تفاخرنا بنسبة المتعلمين وحملة الشهادات لديناوقد قاربت نسبة المائة بالمائة ,نحن , الذي لم ينسى مسؤولينا ووزراءنا , مقولة الراحل العظيم ( الأنسان أغلى ما نملك )فنراهم يدسونها في كل لقاء مرئي أو مسموع معهم .
بكل أسف أقول لكل هؤلاء بعد أن تغاضوا , عن رؤية الأخطاء والممارسات المشينة التي ينفذها القلة من ذوي الأنفس المريضة حولنا , بحق أحداث صغار ,وضعهم حظهم العاثر في قطار الإجرام ,فوجدوا أنفسهم, يتعلمون المزيد في أماكن وجدت من أجل اعادة تأهيلهم وتمكينهم من العودة للمجتمع .
للأسف, هذا صحيح لقد قرأنا تقريرا صحفيا , يحوي تفاصيل فضيحة ما يحدث في احدى دور الأحداث في العاصمة عمان ,مما يضعنا جميعا على كرسي المسؤولية , فأي حق هذا,الذي يعطى لمشرف مات قلبه وضميره ,فيقوم بكل برود أعصاب , بانتهاك أجساد هؤلاء الصغار, بالأعتداء عليهم ضربا واهانة وأذى جسيا وجنسيا , وأي قانون هذا الذي يمنع طفل صغير رضع الشقاوة من ثدي أمه , من ارتكاب أخطاء بسيطة, يكون عقابه عليها الجلد بسلك كهرباء , وأي قلب هذا الذي لا يوجد فيه من الرحمة, ما يطالب بوقف العذاب , وقف صاحبه متفرجا , لا بل ويتآمرمع الجميع على استكمال منهاج تدريس الإجرام , أجل فهؤلاء الصغار تم احضارهم للدار من أجل تصحيح اعوجاج أو سلوك خاطىء ارتكبوه , وبهدف اعادتهم الى المجتمع أسوياء منتجين , ولكن وبكل أسف أصبح هذا المكان بمثابة مصنع لمجرمين جدد , فالعنف والتعذيبوالقساوة ,ما هي الا عربات نقل في قطار الجريمة والإنحراف, ويزيد على ذلك ظلم المجتمع لهم , فترافقهم عبارة أصحاب سوابق .
في الكتاب المقدس آيه فيها من الحكمة الكثير , تقول الآية ( الذين يزرعون بالدموع , يحصدون بالإبتهاج ) ,نعم , فما من حصاد يأتي بغير تعب ودموع ,وأنا مع الحزم والجدية في معاملة أحداث أخطأوا , حتى يتحقق الهدف الذي جاءوا من أجله ,ولكن لا يعني ذلك الأذى والتجريح الذي يترك آثارا فيهم طول حياتهم, ليقوموا لاحقا بتطبيقها بأنفسهم على من حولهم و باسلوب انتقامي بحت .
أتمنى أن تقوم الجهات المعنية بوضع شروط معينة للمشرفين على دور الأحداث , فيها من الأنسانية والتربية والأسلوب, ما يجعلهم طريقا حقيقيا للصلاح ,كما أتمنى أن يكون في كل دار أيتام مرشد نفسي لسماع مشاكلهم, والتخفيف من معاناتهم , وبالتالي, نعمل سوية على اجتثاث من امتهنوا تدريس مناهج الإجرام.
أخيرا أتوجه الى كل من سولت له نفسه ,الأعتداء على حدث صغير لا يقوى على الدفاع عن نفسه ,و أقول له تخيل معي , ولو للحظات أن ابنك أنت هو من يتعرض للضرب والعذاب ....!! هل تبقى صامتا ....؟؟؟