معادلات علاقات الاردن الدولية والاقليمية تقول ان هناك معاهدة سلام بين الاردن واسرائيل، وايضا هناك علاقة قوية جدا مع الولايات المتحدة، واننا جزء من اقليم تغيرت فيه مفاصل علاقات اسرائيل مع دول العالم العربي والإسلامي، ونجحت اسرائيل في بناء شبكة علاقات مع دول قريبة وبعيدة في اسيا وأفريقيا مع فك ارتباط بين هذه العلاقات ومايجري بين اسرائيل والفلسطينيين.
علاقة الاردن مع اسرائيل ليست سرية، ومعلوم ايضا ان هناك محاولات متتالية من البعض لإيجاد افاق لعلاقات ومشاريع اقليمية تكون اسرائيل جزءا منها، وهنا لا نتحدث عن جدوى هذه المشاريع اقتصاديا بل عن دلالاتها السياسية بحيث تشكل نجاحا دبلوماسيا وسياسيا لإسرائيل.
واذا كانت بعض الدول في عالمنا العربي والإسلامي تستطيع ايجاد فك ارتباط بين علاقاتها مع اسرائيل وبين علاقاتها بما يجري في الملف الفلسطيني فان الاردن لايستطيع، والسبب الجوهري ان ادارة اسرائيل ظهرها لإيجاد حل حقيقي للقضية الفلسطينية وتحديدا فكرة الدولة الفلسطينية يلحق الضرر بالمصالح الاردنية العليا.
منذ عقود ونحن في الاردن نقول ان اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مصلحة اردنية عليا، وهذا لم يكن مجاملة لياسر عرفات او محمود عباس بل لان هذا هو الحقيقه، فقتل مشاريع الوطن البديل والتوطين ومايشبهها من مشاريع يتم بشكل قاطع حين يكون للفلسطينيين دولتهم على ارضهم يمارسون فيها حقوقهم الوطنية والسياسية.
وحتى في المدى القريب فان اي سياسات عدوانية إسرائيلية في المناطق الفلسطينية تؤثر علينا في الاردن بشكل مباشر أمنيا وشعبيا وسياسيا، ولايمكن للاردن حين يكون هناك عدوان اسرائيلي مهما كان شكله داخل فلسطين الا ان يقف موقفه الدائم مناصرا للاشقاء، وتلقائيا تتأثر العلاقات مع اسرائيل بما يجري في فلسطين.
وحتى مايجري في القدس فهو امر اردني بحكم الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، ولايمكن للاردن ان يفصل بين علاقته باسرائيل وبين سياسة اسرائيل تجاه الفلسطينيين او رفضها اقامة سلام حقيقي مع الشعب الفلسطيني.
ولعل مراجعة سريعة للأسباب التي صنعت حالة البرودة الشديدة في العلاقات مع اسرائيل في السنوات الماضية تقول لنا ان معظم هذه الاسباب هي السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني والقدس والمقدسات والموقف السلبي من عملية السلام.
الاردن ليس مثل دول عربية واسلامية عديدة اقامت علاقات مع اسرائيل بمعزل عما يجري في الملف الفلسطيني، فنحن مرتبطون تماما بكل احداث فلسطين، ولايمكن للعلاقة الثنائية مع اسرائيل ان تاخذ مسارا تصاعديا اذا لم يكن هناك سياسة إسرائيلية ايجابية تجاه الحقوق الفلسطينية.
وانقل هنا ملاحظة من احد المتابعين انه في زحمة الجدل حول اتفاق الماء مقابل الكهرباء الذي قد يصل إلى نهايته او لايصل فان جلالة الملك قام بزيارة منطقة الغمر المحررة والتي تم استعادتها قبل عامين من اسرائيل، صحيح ان المشروع الزراعي هناك مهم لكن للزيارة دلالات اخرى كما يمكن فهمها.