كنيسة جديدة في الخليج العربي
الاب رفعت بدر
12-12-2021 11:27 PM
احتفلت مملكة البحرين قبل أيام قليلة بتدشين كنيسة جديدة تعتبر من أكبر الكنائس في منطقة الخليج والدول العربية، وقد أطلق عليها اسم كاتدرائية «سيدة الجزيرة العربية» بالإشارة الى السيدة مريم العذراء، وقبيل الاحتفال بولادتها للسيد المسيح.
تم الاحتفال بتدشين الكنيسة برعاية عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بحضور الكاردينال لويس تاغليه عميد مجمع تنوير الشعوب لدى الفاتيكان باسم قداسة البابا فرنسيس، وحضر حاملا رسالة مكتوبة من البابا الى ملك البحرين.
الجميل في الأمر أن هذه الكنيسة مشادة على أرض تبرع بها الملك البحريني في 11 شباط عام 2013. وفي زيارة الملك حمد إلى البابا فرنسيس، في 19 أيار 2014 عرض عليه مجسمًا لهذه الكنيسة. وقد تمّ وضع حجر الأساس المأخوذ من بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان، أواخر الشهر نفسه، ومعه بدء مشروع البناء.
قسّم حفل التدشين إلى قسمين الأول: رسمي وطني برعاية الملك حمد يوم الخميس الماضي، وجرى فيه كلمات رسمية وتقديم الشكر لكل من أسهم بمنح هذه الأرض وببنائها وبالأخص المحسنين الذين تبرعوا من البحرين ومن الخليج، ومن دول صديقة لبناء هذه الكنيسة التي تقام على أرض تسعة الاف متر مربع، وتتسع لألفين وثلاثمئة مصلٍ بنفس الوقت، ومحاطة بساحات تتسع لستة الاف شخص.
أما اليوم الثاني فكان القداس التدشيني أو المباركة الروحية وتكريس الهيكل، بترؤس الكاردينال لويس تاغليه الذي يعتبر اليوم من أكبر وأقرب المعاونين للبابا فرنسيس.
ننظر إلى هذا الأمر بدلالة كبيرة وهي: أولا أجواء التسامح والحرية الدينية التي امتدت إلى دول الخليج العربي هي طبعا موجودة منذ زمن طويل ولكن نرى أن هذا «التسابق» ما بين دول الخليج أصبح ملاحظاً وهو أمر إيجابي. فدولة الإمارات العربية على سبيل المثال أنشأت وزارة التسامح وسنة التسامح وأستضافت خلالها البابا فرنسيس الذي وقع مع شيخ الازهر في أبو ظبي وثيقة الأخوة الانسانية. وقد انشأت دولة البحرين منذ عام 2018 مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، ولدى امارة قطر مركز حوار الأديان بالدوحة، فيما انشأت المملكة السعودية ?ركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لحوار الثقافات والأديان، وكان مقره في فيينا – النمسا، قبل ان ينتقل منذ اسابيع الى إلى لشبونة في البرتغال. إذاً أجواء التسامح هبت على دول الخليج وما يشجع على ذلك هو التعددية، الدينية الموجودة في هذه الدول التي تستضيف ألوفاً مؤلفة من الوافدين الذين يعملون بإخلاص من أجل مجتمعات هذه الدول العربية الشقيقة.
ونرى بهذا الأمر صراحةً إنفتاحاً وتياراً في وجه كل الرياح السامة التي هبت على شرقنا العزيز، وعلى العالم أجمع: أعني بها رياح الإرهاب والتطرف ونشوء أفكار وعقليات من التعصب وإلغاء الآخر، والنظر إلى الدين أنه علامة انقسام وليس علامة سلام ومودة.
إن أجواء حرية إقامة الشعائر الدينية ليس فقط في دول الخليج وإنما في الدول العربية تنبئ بأن المستقبل، سيكون لصالح الحريات ولصالح كرامة الإنسان وحقوق الإنسان، وإن الإنسان حينما يشعر بأن حريته الدينية مصانة يكون لديه متسع من التفكير والتقرير بأن يخدم وبأن يكرس كل طاقاته ومواهبه، التي يمنحها الله للإنسان، في سبيل خدمة البشرية والإنسانية.
هنيئاً لدولة البحرين وهنيئاً لدول الخليج العربية وهنيئاً للوطن العربي الذي يضيف نجمةً جديدةً إلى نجومه الوضاءة من بيوت العبادة التي تدعو إلى محبة الله والقريب.
(الرأي)