يتزامن نشر هذه المقالة مع انتهاء أعمال قمة الديموقراطية (الافتراضية) التي دعا إليها الرئيس الأمريكي بايدن؛ مما يستدعي الكتابة حول نتائجها بعد إعلان بيانها الختامي.
وعلى هامش هذه القمة، التي تقتصر محاورها على الدفاع ضد الاستبداد، ومكافحة الفساد، وتعزيز احترام حقوق الأنسان، عالمياً، ولم تشمل المحاور، احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها والتخلص من الاحتلال أينما وجد في العالم، كما اقتصرت المشاركة على مائة دولة أو يزيد قليلاً، من الدول المصنّفة أمريكيا بالديموقراطيات، شكلية أم غير شكلية.
ولا يتطلب الأمر استباق النتائج، ولكن ما يمكن التأكيد عليه أن القمة تهدف بالدرجة الأولى إلى محاولة الولايات المتحدة الأمريكية استعادة دورها أو أدوارها القيادية على مختلف الأصعدة، الإقليمية والدولية من جهة، والسياسية والاقتصادية، من جهة أخرى.
اعتماداً على القناعات الأمريكية بأن الديموقراطية الليبرالية التي توصلت اليها الولايات المتحدة الامريكية هي النسخة المثلى أو الوحيدة للديموقراطية الحقة، وهي قناعات لا يتقبلها المجتمع الدولي بشكل عام، ذلك أن الديموقراطية، فلسفة ومبادئ هي نتاج محلي وطني يلبي مصالح المجتمع افراداً ومؤسسات، وهي غير قابلة للاستيراد أو التصدير.
وما يهمنا في الحديث عن هذه القمة هو مدى اهتمام المجتمعات العربية بواقعها الديموقراطي والمأمول أن تكون القمة حافزاً للمجتمعات العربية لوقفة لمراجعة مساراتها في المحاور الثلاثة الرئيسية:
-مكافحة الاستبداد في المجتمعات العربية، ومدى تحقق نظم القانون والمؤسسات فيها، لتسود العدالة الاجتماعية فيها، افراداً ومؤسسات.
- ومكافحة الفساد الذي يتناسب انتشاره طردياً مع غياب الديموقراطية والشفافية.
وأخيرً، احترام حقوق الأنسان التي يفتقدها المواطن العربي، في حلّه وترحاله.
قد لا يهمّ المجتمعات العربية مشاركة دولها في هذه القمة، بقدر ما يهمه قيام دولتها بمراجعة ذاتية لقيم الديموقراطية فيها، وتصويب أوضاعها لتحقيق العدالة الاجتماعية التي تعتبر الحاضنة الحقيقية لمبادئ حقوق الأنسان واحترام تلك الحقوق؛ فالمجتمعات العربية أولى بالنتائج الديموقراطية ذاتية المنشأ والصنع والتطبيق المجتمعي، وترفض المقولة الزائفة أن المجتمعات العربية لم تبلغ سنّ الرشد وتقبّل الديموقراطي.