الحاجة لإدماج التعليم الإلكتروني في أنظمة التعليم العام والعالي جاءت ليس بسبب جائحة كورونا فحسب -وإن كانت متزامنة معها- لكنها جاءت لمواكبة المستجدات في الثورة الصناعية الرابعة ومتطلبات الألفية الثالثة ومواكبة تطورات أنظمة التعليم العالمية لغايات تمكين خريجي الجامعات من المنافسة في سوق العمل متسلحين بالمهارات العصرية اللازمة التي تؤهلهم للمنافسة للحصول على فرص عمل ضمن تخصصات المستقبل؛ ففي هذا السياق جاءت ورشة العمل التي عقدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالشراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين برعاية معالي الأخ الدكتور وجيه عويس وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي إنتدب عطوفة الأخ الدكتور مأمون الدبعي أمين عام الوزارة وبحضور عطوفة الأخ الدكتور ظافر الصرايرة رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها والزميلات والزملاء رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة والمتدربين لتصميم المساقات الإلكترونية التفاعلية:
١. إدماج التعليم الإلكتروني بات أولوية لبُعد إستراتيجي كمنجز تراكمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي للتوجّه تدريحياً صوب التعليم عن بُعد في خضم إقتصاد المعرفة؛ والوزارة ماضية قُدماً بذلك من خلال تشريعات ناظمة وإجراءات على الأرض وفعاليات واقعية رتيبة؛ وتطلعات الوزارة في المئوية الثانية الدولة الأردنية في التوسع الأفقي والعمودي للمؤسسات الأكاديمية مع المحافظة على المستوى والجودة يؤكد على ضرورة المحافظة على المحتوى التعليمي وإدخال أشكال التعليم كافة تدريجياً من الكامل والوجاهي صوب المدمج فالتعليم عن بُعد؛ فضرورة الإدماج تخلق نقلة نوعية من التعليم والتلقين إلى التعلّم الذاتي والمرن في الزمان والمكان والحدث والأداة والمهارات وغيرها.
٢. لعل إقرار نظام إدماج التعليم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي والتعليمات المنبثقة عنه وخطة ادماج التعليم الإلكتروني المقرة من مجلس التعليم العالي والطلب من خلالها إعادة هيكلة البرامج الأكاديمية لتتوافق مع متطلبات سوق العمل وضرورة بناء نظام متكامل لإدارة العملية التعليم الإلكتروني وأمنه وحمايته وإيجاد البيئة التقنية من حيث تكنولوجيا المعلومات وتأهيل الكوادر الأكاديمية والإدارية ومراجعة آليات التقويم وإستخدام أساليب التعلّم الحديثة في التعليم الإلكتروني المتزامن وغير المتزامن والهجين وتخصيص نسب للتعليم عن بُعد والتعليم المدمج وتباينها وفق التخصصات الإنسانية والإجتماعية من جهة والتخصصات العلمية والتقنية والصحية والطبية من جهة أخرى وإنشاء مراكز التعليم الإلكتروني وغيرها؛ وإيجاد الخطة الوطنية لإدماج التعليم الإلكتروني؛ كل ذلك مؤشرات واضحة للإنسجام مع متطلبات مرحلة التعليم الإلكتروني.
٣. مأسسة نظام التعليم الإلكتروني كجزء من المنظومة التعليمية التعلمية أضحى حاجة وأولوية وطنية للتعليم العالي أيضاً في ظل المتغيرات والتطور المتسارع لمتطلبات التنمية؛ وما كان ذلك ليتم دون أنماط جديدة للتعليم لتعزيز التعلّم وفق الإطار الوطني للمؤهلات؛ فالتعليم المدمج أقل ضغطاً على البنى التحتية ويلج زمن الرقمنة والحوسبة وقادر على إدارة المجموعات والأعداد المتنامية و معزز لحل الأزمات المرورية وقادر على تعظيم دور المتعلمين وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتفكير الإبداعي والناقد وغيره.
٤. الورقة النقاشية الملكية السابعة وضعت رؤية جلالة الملك المعزز للتعليم لمواكبة لغة الألفية الثالثة وتجويد مخرجات التعليم صوب المستقبل لغايات إصلاح التعليم؛ وأجزم بأن هذه الرؤية لا يمكن أن تتم بمنأى عن مأسسة إدماج التعليم الإلكتروني وإيجاد التشريعات اللازمة لذلك؛ كما أنه سيتم تحقيقها على الأرض وبواقعية من خلال الإدماج المطلوب على مستوى البرامج الأكاديمية والمساقات والمحتوى والتقويم والتقنيات؛ ولهذا فإن هنالك حاجة ماسة لتخصيص نسبة من موازنة التعليم العالي للتخطيط الإستراتيجية لإدماج التعليم الإلكتروني على غرار ما يجري في الدول المتقدمة والتي لديها برامج متكاملة للتعليم الإلكتروني منذ زمن ليس بالقريب!
٥. ملف السياحة التعليمية والطلبة الوافدين لا يمكن تعظيم مدخلاته لرفد الإقتصاد الوطني سوى بالتقدم التدريجي حتى المتسارع صوب ادماج التعليم الإلكتروني مع ضرورة وجود ضوابط لمسألة الجودة والإستفادة من التغذية الراجعة للقرارات التي يتم اتخاذها وتقييمها والإبقاء على السليم منها ونبذ الغثّ لتصويب المسيرة؛ ولذلك فوجود خطة تنفيذية مرتبطة بجدول زمني للتدرج في التحول صوب إدماج التعليم الإلكتروني وخطة تكاملية مع مختلف الوزارات كالإقتصاد الرقمي والريادة والتربية والتعليم والعمل والخارجية وشؤون المغتربين وغيرها باتت ضرورة ملحة أيضاً للتحول الحقيقي صوب خيارنا الإستراتيجي للتوجه لإدماج التعليم الإلكتروني.
٦. خبرات الجامعات النوعية خلال جائحة كورونا في التعليم الإلكتروني أوصلتها لدرجة أنها بإمكانها التحويل بكبسة زر بين التعليم الوجاهي والإلكتروني والمدمج من لدن أعضاء هيئة التدريس الذين أوصلتهم إدارات الجامعات من خلال البنية التحتية الإلكترونية ومراكز التعليم الإلكتروني وبرامج التدريب لهم وللطلبة لدرجة الإحتراف والإتقان؛ وهذا يعطي ثقة وأريحية لصانعي القرار للمضي قُدماً في خطط إدماج التعليم الإلكتروني.
٧. نحتاج لتشريع مرن للسماح بالبرامج الإفتراضية وربما الجامعات الإفتراضية مع ضرورة المحافظة على الجودة والمخرجات والإرث والسمعة الأكاديمية الأردنية وهويتها التي نعتز بها؛ ولعل وضع ضوابط ومعايير جودة صارمة لذلك مهمة في بداية الطريق؛ وهذا برأيي يواءم بين الضغط الشعبي الذي يحبّذ التعليم عن بُعد لمصالح شخصية عند البعض من جهة وبين ضبط المخرجات ونوعيتها وحاجات السوق من جهة أخرى؛ وهذا بالطبع لن يسمح للقطار بأن يفوتنا ويسبقنا البعض!
٨. مطلوب اليوم من الجميع دون إبطاء تطبيق التعليمات والنظام الخاص بخطة ادماج التعليم الإلكتروني والإلتزام بمعايير هيئة الإعتماد وتوفير البنى التحتية الإلكترونية والتقنية الملائمة وإنجاز التدريبات المطلوبة لأعضاء هيئة التدريس والطلبة وحوكمة ضمان الجودة والتشبيك محلياً ودولياً صوب برامج مشتركة نوعية لغايات المضي قُدماً بواقعية صوب إدماج التعليم الإلكتروني.
بصراحة: إدماج التعليم الإلكتروني أولوية وحاجة وليس خياراً ولا نمتلك ترف الوقت في ذلك؛ والتدرج وتراكمية الإنجاز بالتوجه صوب التعليم الإلكتروني ضرورة إلى جانب المحافظة على جودة مخرجات التعليم العالي لمواكبة التطورات العالمية المتسارعة وحاجات سوق العمل العصرية والمستقبلية؛ ومواجهة التحديات وتحويلها لفرص في ظل جائحة كورونا باتت مهمة جداً؛ وإمتلاك خطط إستراتيجية وتشريعات مرنة سيضعنا في الطريق الصحيح قبل أن يسبقنا غيرنا من دول العالم المتقدمة وحتى النامية؛ فأن تبدأ ولو متأخراً خيراً من أن لا تبدأ!
صباح الوطن الجميل