بدأت وزارة التربية والتعليم من خلال مدارسها المنتشرة في كل أنحاء المملكة بعقد الامتحان للفصل الأول، بعد قرار اختزال مدة الفصل الأول لتكون ثلاثة أشهر ونصف، وتكون العطلة الشتوية ما يقارب أربعين يوما، وخاصة بعد التقارير الصحية الواردة من وزارة الصحة ولجنة الأوبئة بالتحديد بأن هناك 47% من الإصابات التي بدأت تنتشر بشكل متسارع بين طلبة المدارس، ومع أنه لا يوجد من بين طلبة المدارس حالات وفاة تُذكر، إلا أن هناك إصابات ينتقل إليها الفايروس من خلال مخالطة طلبة المدارس من حملة هذا الفيروس.

ومع تناقل أخبار غير مؤكدة بشكل رسمي إلا أن هناك مؤشرات خوف وتوجس من دخول المتحور السابع الذي تم اكتشافه أو ميكرون لتصنف الأردن عند بعض الدول بالحمراء، وهذا يدل على وجوب الأخذ بتصريحات شبه رسمية هنا وهناك، وفي كل الحالات فالأردن أمام تجربة تعافي جديدة من متحور دلتا الذي يشكل 90% من الإصابات الحالية، وفي حال دخول المتحور الجديد أو ميكرون الأراضي الأردنية - لا سمح الله- فسيكون على اللجان الصحية أن تتعامل معه بطريقة مختلفة، إذ أنه يهاجم الجهاز المناعي للجسم بشراسة، ولم تثبت نجاعة المطاعيم التي تم اخترعها في الوقاية من الوباء كوفيد 19 في حالته الأولية قبيل حدوث الطفرات في الفايروس الذي تمكن من إنتاج أشكال فيروسية متطورة عن الأول وتحتاج الأجهزة المناعية في جسم الإنسان مقاومتها، وبهذا يكون من الضروري أن يتم الاحتراز من كل المتغيرات المتعلقة بالوباء ومتحوراته، واتخاذ قرارات هامة ومصيرية تتعلق بتمديد الإجازة الفصلية، إذ صار من المؤكد أن نسبة عالية من الإصابات بين الطلبة تقع نتيجة وجودهم في مساحات ضيقة، ويصعب بشكل عملي التحكم في ثبات التباعد الصحي أثناء حركتهم داخل أسوار المدرسة وقاعات الصفوف، فلا التصميم الداخلي والمساحات أعدت لغايات التباعد الجسدي، ولا أن الطلبة بالمجمل ملتزمين بالتباعد بشكله الوقائي الحقيقي، وأن التطعيم لم يستهدف الطلبة كشريحة أولى وذلك لمناعتهم النسبية، وعندما استهدفهم واجه تخوف مجتمعي منه وعزوف عند البعض عن تلقيه.

ونقل العدوى وضرورة التعليم الوجاهي قد جعلت صانع القرار أمام خطة مختلفة عما تم القيام به في بداية الفصل من العودة للتعليم الوجاهي بدون أخذ المطاعيم من قبل طلبة المدارس.

ولعل العطلة المدرسية ستكون فرصة لالتقاط الأنفاس، وتحقيق قسط من التعافي المجتمعي لشريحة اليافعين، وإعادة النظر في العودة خلال الربيع القادم للمدارس والطلبة مسلحين بمطعوم واحد على الأقل، زيادة على أن الوضع الوبائي سيتطلب وضع قرارات جديدة ضرورية تحقق استمرارية التعلم الوجاهي بشكل لا يثير الرعب أثناء انتشار المتحور - لا سمح الله- خلال الموجة الحالية من انتشار الوباء، فالمتحور الجديد لا يمثل ذات الخطورة للفايروس في بداياته، ولكنه يجعل من اللقاحات الحالية أقل فائدة في مقاومته، كما بينت التقارير الصحية وتصريحات المتخصصين ووسائل الإعلام.

بات على الدولة بكل مؤسساتها أن تعمل على الاستفادة من العطلة المدرسية الطويلة لمقاومة انتشار الوباء بكل صوره، لاجتثاث الوباء والعودة للتعليم الوجاهي الطبيعي بكل حيثياته، مع التركيز على خطة تطعيم ووضع بروتوكولات وضوابط التزام حازمة.

وحسب المقتضى العالمي بعد القيام بمتابعة تطوير اللقاح بما يناسب المتحور الجديد، سيكون الشتاء الحالي مناسبا للحد من الاختلاط والتقليل من المناسبات الاجتماعية التي تتيح الاختلاط، وهذا سيكون مردوده الصحي المجتمعي إيجابيا.

وأعتقد أنه سيكون متاحا لوزارة التربية والمعنيين والجامعات وحتى المؤسسات المكتظة أن تبادر إلى الحد من الاختلاط في الفترة الموازية لإجازة الطلبة لتقييمها إحصائيا، ومسح الأعداد المصابة والحالات النشطة وحالات الوفاة لمعرفة حجم تقلص انتشار الوباء -إن شاء الله- أو التقليل من الإصابات للعودة للحياة العادية، وبهذا يكون الأردن قد عمل على القيام بما يمكن القيام به للحد من الوباء لنكون جاهزين للاستحقاقات الأخرى، كانتخابات البلدية واللامركزية المنوي إقامتها بعد منتصف شهر آذار القادم.