من قال إن الأردن غير قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الزراعة والوصول إلى حالة أمن غذائي مطلق. المسألة تتعلق بالإرادة والتصميم وحسن التدبير، وبخطط عمل غير قابلة لارتجال زيد أو عمرو، والشاهد على النجاح وإمكانية تحقيق الهدف، ماثل أمامنا اليوم في «غمر».
زيارة الملك إلى «غمر»، إضافة إلى معانيها في تأكيد السيادة، التأكد من حسن تنفيذ أمر أصدره الملك قبل عامين، ومبادرة للأمن الغذائي والاستثمار في مجالات الزراعة والصناعات الغذائية أطلقها جلالته العام الماضي، وبعد عامين فقط من عودة السيادة على «غمر» والباقورة، وقيام الجيش العربي بتولي إنجاز مشاريع زراعية تنموية أحدثت نقلة نوعية في كل شيء؛ في أصناف الزرع، وأساليب الري، وطرق التعبئة والتغليف، واستخدام التقنيات الحديثة، وتأهيل القوى العاملة، وحفر الآبار.
2000 بيت بلاستيكي من الفلفل. 240 بيت من الثوم، إضافة إلى المانجا والليتشي، وغيرها من منتجات مطلوبة في أسواق مستهدفة. المشروع في مرحلته الأولى ضمن خطة خمسية، وفر 250 فرصة عمل، وهذا يعني توفير المزيد من الفرص في كل مرحلة مقبلة. تلك خارطة طريق جديدة حددت الأراضي الصالحة للزراعة، وآبار المياه، والأولويات، والمتطلبات، والأهداف. «غمر» يمكن البناء عليها، وقصة النجاح الواحدة، يمكن تعميمها لتصبح قصص نجاح. المهم في الأمر هو القبض على الجمر، الإرادة والعزم والتصميم والثبات وطول النفَس، لجعل «غمر» أغمار، والعودة إلى الأرض مرة أخرى بإيمان مطلق بأنها مصدر الخير والعطاء والثمار.
هل الأمل كبير؟ قطعاً نعم. المساحة المستغلة في الزراعة لا تزيد عن 2.5 مليون دونماً، تشكل 2.7 بالمائة من مساحة البلاد. الزراعة كفيلة بتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة الدخل الوطني، والمساهمة في معالجة البطالة، ووقف هجرة المزارعين لأراضيهم، وربما نوقف هذا التعدي السافر في تآكل الرقعة الزراعية على حساب التوسع السكاني. 500 ألف دونماً مزروعة بالحبوب، لا شيء يمنع أن تصبح مليون دونماً. 516 ألف دونماً مزروعة بالخضروات، يمكن أن تصبح مليوناً أيضاً. 900 ألف دونماً مزروعة بأشجار الزيتون، من السهل مضاعفة المساحة إذا انتصرنا على تحديات شح المياه، وتم استخدام التقنيات الحديثة، وزيادة التمويل، والدعم للمزارعين، والتركيز على زراعات تتطلب كميات أقل من المياه، وتنشيط أساليب التسويق والتصدير، وفتح أسواق جديدة لمنتجات زراعية جديدة أيضاً.
النجاح في «غمر» يجب أن يكون حافزاً للمزارعين من فئة الشباب للمبادرة في إنشاء مشروعات مماثلة يمكن أن تقدم فيها القوات المسلحة العون والدعم والنصح، وتقديم عصارة تجربة «غمر» إليهم، ليشقوا طريقهم، ويسهموا في تحقيق نهضة لوطن، وتسجيل نجاحات في حياتهم ومستقبلهم. لا مستحيل مع الإرادة والإخلاص في العمل، والوفاء للأرض. المهم أن لا نتوقف. اليوم «غمر»، وغداً أمر.
(الدستور)