ولي العهد يعود مصعب وأفعاله ديدن هاشمي
د.هشام المكانين العجارمة
07-12-2021 09:18 AM
(الحسين يعود مصعب) هكذا طالعتنا الأخبار ومواقع التواصل أمس وكأنه سَبْق صحفي أو شيء مستغرب على الحسين حفيد الحسين، وهنا أتساءل:
من مِنا لم يرى بعينه سماحة العائلة الهاشمية النبيلة التي تمسك مقاليد الحكم في البلاد بالحبّ والعمل والبناء ! من مِنا لم يشاهد عطفهم على أهله يتدفق كنهرٍ جارٍ في صحراء عطشى، من مِنا لم يلمس قربهم ومحبتهم!
ولي العهد كذلك يسير على ذات النهج الذي خطّه والده المُعزز وجَدّه الباني في اهتمامهم بذوي الإعاقة، وكيف لا يكون ذلك! ولا زال قول الباني- رحمه الله- "الإنسان أغلى ما نملك" نبراس لكل صادق آمين ونهج لكل غيور حليم.
ولأن الإنسان غالٍ ونفيس كان ولا يزل حاضراً كذلك في قلب الملك المعزز ووجدانه، لا تُبعد الإنسان حالته ولا تقصيه إعاقته، إذ عاد جلالته ذوي الإعاقة غير مرّة، واستقبلهم في ديوانه العامر، وزارهم في مراكز رعايتهم وتدريبهم، ودخل بيوتهم، ورأى ظروف عيشهم وتحديات واقعهم رغم عِظَمِ قدراتهم وإنجازاتهم، نقول ذلك ولا تزال زيارة جلالته لذوي الإعاقة في المشارع حاضرة لم تغب، فكيف لا يكون ولي العهد على ذات الدّرب والنهج!
بالأمس والأمس ليس ببعيد أطلق سمو الأمير الشاب مبادرة (سمع بلا حدود) كهدفٍ سامٍ وغاية نبيلة تسعى لإعادة البصر لمئات الأطفال الذين فقدوا نعمة السمع، إذ أخذ الأمير على نفسه الوعد بأن يكون لهم سمعهم الذين يسمعون فيه، فكان تبرع سُمُوّه السّخي لزراعة القواقع لهم حتى أصبح سمعهم حقيقة لا يمكن لجاحد نكرانها فكيف لمحبٍ نسيانها!
وبالأمس القريب أيضاً استقبل سُمُوّه وفد اللاعبين المشاركين في دورة الألعاب البارالمبية في طوكيو ليُعبّر لهم عن فخره واعتزاز عن قُرب بإنجازاتهم رغم التحديات التي يعيشونها والمشكلات التي يواجهونها، كما استقبل سُموه إلى جانب جلالته طلبة من ذوي الإعاقة غير مرّه في رسالة سامية تحمل فضائل نبيلة، وهذا ديدن الهاشميين حفظهم الله وأعزّ مُلكهم.
في ذات السياق، تأتي اليوم زيارة الامير الشاب لمصعب ذي الداون سندروم تلبية للوعد الذي فرضه الامير على نفسه بأن يكون لذوي الإعاقة كما لغيرهم الحاضر القريب ليحاكي بذلك مواقف الملك الإنسان والده- حفظه الله وأعز ملكه- في احترام حقوق ذوي الإعاقة وواجب تمكينها، إذ لطالما كان جلالته الأقرب لذوي الإعاقة وأسرهم يتفقد أحوالهم ويلبي حوائجهم ويقف بنفسه على رعايتهم ليكونوا كما يريدهم دوماً الملهمين للمعنويات العالية التي ننشدها اليوم.
زيارة ولي العهد اليوم لمصعب ذي الإعاقة بعد أن أجريت له عملية لسحب سوائل في رئته تأتي استجابة لحديث نبينا - صل الله عليه وسلم: حق المسلم على المسلم خمسٌ منها عيادة المريض، كما تأتي تزامناً واليوم العالمي لذوي الإعاقة في رسالة من سُمُوّه لذوي الإعاقة مفادها (سأكون لجانبكم كما هو حال والدي ومليكي وكما كان جدي الحسين رحمه الله) وفي ذلك تأكيد من سُمُوّه على أن ذوي الإعاقة جزء لا يتجزأ من أبناء هذا الشعب وهذه الأمة، تمكينهم واجب والوقوف لجانبهم دين وعقيدة.
فزيارة ولي العهد لم تكن لمصعب وحده- ذلك الفتى الذي ينظِم الخرز ليصنع منها أساور وحِلِي وسِبح للذّكر- وإنما هي زيارة لكل مريض وكل ذي إعاقة وذويهم الذين لطالما كدّوا واجتهدوا في محاولة إثبات وجودهم ونَحْتِ حياتهم بالطريقة التي يرتضونها وتشعرهم بالسعادة، فوجه نظرهم كما هي وجه نظرنا (على هذه الأرض ما يستحق الحياة) لن تثنينا متاعب ولن تُبعدنا تحديات.
كتاباتنا عن ذوي الإعاقة ونظمنا لكلماتنا كذلك تأتي من تأسينا بذلك النهج الهاشمي النبيل واصرارنا على تأدية رسالتنا تجاه ذوي الإعاقة، وحرصنا على أن لا يمر يومهم العالمي مرور الكرام، فنحن نؤمن ايماناً عميقاً بدورنا في الوقوف إلى جانب ذوي الإعاقة فكراً وقلماً وسلوكا، كما نؤمن بقدرتنا على إحداث الفرق وإن عُرقلت مساعينا أو أُقصيت أيادينا.
ختاماً: نعم لطالما فعلها الملك وفعلها ولي عهده فهذا ديدنهم وأفعالهم لا تُستغرب.
حفظ الله الأردن أرضاً وشعباً وحفظ جلالته وولي عهده الأمين