هنالك حالة من التضاد المنهجي بين التطلعات الشعبية والمقتضيات الاقرارية وهذا مرده الى ثلاثة اسباب جوهرية من المهم تبيانها حتى نتمكن من معالجة ترسبات اثارها لكي لا تبقى تزداد وتتسع معها الهوة ويصبح من السهل اختراقها ومن الصعب استدراكها ولن يكون بمقدورنا فى حينها ازالة اثارها الا بواسطة تدخل جراحي يعيد الامور الى نصابها فما بين الانطباعات الشعبية السائدة والوقائع الاقرارية لبيت الاقرار اخذت تتكون حالة من التشكيك في الحواضن الشعبية جراء مناخات الضبابية التي غلفت بيت القرار وجعلت من ميزان الرؤية فيه يقوم على الاستنتاج الانطباعي وهذا مرده الى عدم وضوح الصورة عند المتلقي في ظل انقطاع موجات التواصل القادرة على نقل الصورة وبيان ميزان التصور وهو المشهد الذي اثر على عامل الثقة وجعله في المستويات الدنيا بين المواطن والمؤسسات العامة.
ان الاسباب الثلاث التي جعلت من المشهد العام يتكون بهذه الصورة كان من اولها عدم وجود جسر للتواصل يقوم بين بيت القرار والحواضن الشعبية وهو مرده لتباين زاوية النظر بين التطلعات والمقتضيات وهذا ما جعل طريقة التفكير تكون مختلفة بين النخب السياسية والحواضن الشعبية فالنخب السياسي تعمل من على قاعدة توافقات والحواضن الشعبية تتأتى من على ارضية انطباعات وما بين هذا التقديرات الموضوعية والانطباعات الذاتية اخذ المشهد العام يترسم.
واما السبب الثاني فإنه يعود الى عدم وجود جهة وسيطة معتمدة تقوم بتجسير الهوة بين ما يحدث من احداث وما يراد تشكيله بيت القرار من مقرارات وهي الجهة التي يتم تشكيلها عادة من النخب السياسية او ما يعرف بالمصطلح الدارج من اصحاب الرأي وهذا ما يتم تجسيده اما عبر افراد او من خلال مؤسسات منظمة ومنتظمة فالافراد تعبر عنهم الشخصيات السياسية او الاجتماعية القريبة من نبض الشارع والمؤسسات تعبر عنها الاحزاب السياسية المؤثرة حيث تشكل هذه الوسائل جسور واصلة بين المعادلة الشعبية والاقرارية كما تشكل دروعا حامية لبيت القرار.
واما السبب الثالث فانه يعود لغياب المشروع بسبب عدم وجود استراتيجية عمل واضحة يتم عبرها توضيح بوصلة الاتجاه وعنوان التوجه وكذلك بيان السياسات ومعرفة ماهية الوسائل المستخدمة وتحديد الفئات المستهدفة ومتابعة التفاصيل التنفيذية في خطة العمل وكلها بحاجة الى منظومة عمل تقوم على هيكلية ادارية منطلقة من وصف وظيفي بين ومعلوم وهذا يشكل صميم الاصلاح الاداري بيت القصيد وعنوانه.
وهي الثلاث اسباب التي ان عولجت حملت نتائج ايجابية على طبيعة المشهد العام وجعلت من المحتوى الثقافي يتغير الى من التضاد الى التوافق ويتبدل معه النظرة السائدة من نظرة نقدية مشككة الى نظرة ايجابية مستجبية وهذا ما يجب على برنامج الحكومة القادمة ايا كانت حلتها من العمل على تصحيحه وتصويب مساره فإن دخول العالم في اتون الخلطة القائمة بين العالم الافتراضي والعالم الوجاهي واسقاطات تأثيره بحاجة الى روابط مجتمعية اقوى تعطى نتائج اكثر مناعة ومنعة للمجتمع وبيت قراره وهو برنامج العمل الذي من المهم ان يحمله برنامج الحكومة القادم بعد انتهاء اقرار قوانين الاصلاح السياسي وتعديلاته الدستورية.
(الدستور)