سعدت كثيراً وأنا أقرأ خبر تناقلته الصحافة العربية ومفاده أن كثيراً من المصانع الأوروبية المهتمة بالحليب كمدخل في صناعاتها قد وجدت ضالتها في حليب " النوق" .
واكتشفوا فوائد لهذا الحليب لم يسبق للعرب أن اكتشفوها سواء في جاهليتهم أم عند دخولهم الإسلام. وقلت في نفسي أن أمتنا العربية يرافقها حسن الطالع دائماًُ . فقبل أن ينجم المنجمون عن موعد وتاريخ نضوب النفط ، ها هو العالم يكتشف لنا نفطاً جديداً وهو حليب النوق.
وحزنت كثيراً لمن يتعبون أنفسهم ويطالبون برصد مبالغ مالية للبحث العلمي كي نلحق بركب الحضارة وكأن المسألة مسألة ثروة وعلم وفلوس. وتذكرت قصة وأنا طفل حيث كان في حارتنا طفل بسن المدرسة ولكنه لم يلتحق بها لعدم قدرته على الكلام. ويخاطبنا بلغة الإشارة في ذهابنا وغدونا للمدرسة . وبعد أن نبشنا في الأسباب التي جعلته أبكم، عرفنا أن والده وبعد موت والدته في الأشهر الأولى لولادته ولعدم تمكنه من إيجاد مرضعة له ، استسهل نصيحية جاره أبو العبد وأسقاه من حليب الحمارة التي كانت بحوزته في ذلك الوقت ، ظنأ وتصديقاً لمن غشنا في القول بأن حليب الحمارة أقرب حليب لحليب الأم في الطعم واالتركيبة. وهاهم الطليان يكررون نفس الخطأ بعد خمسين عاماً. حيث يروج شيف الحلويات الإيطالي هذه الأيام لبوظة جديدة بنكهة حليب الحمير بعد أن انقطعت كل النكهات. لا أدري إن كان وصلنا هذا النوع من البوظة لغاية تاريخه أم لا. ولمعرفتي بالمواطن العربي الحديث " ولظني وإن بعد الظن إثم" ولولعه بكل جديد تنتجه الصناعة الأوروبية، ولقناعتي بضعف الرقابة الغذائية عندما يمارس الحينان من المستوردين نفوذهم، فقد قررت وعانلتي الصغيرة مقاطعة كل أصناف البوظة المحلية والمستوردة لأننا لم نستنفذ حقنا في الكلام كما استنفذه الإيطاليون . وصدق المثل المتداول بيننا بأن الحق دائماً على الطليان، ويا مرحبا بحليب النوق.