فعلها الملك مراراً، فهل يفعلون ما فعله؟
د.هشام المكانين العجارمة
06-12-2021 01:47 AM
ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها جلالة الملك المهتمين بشأن ذوي الإعاقة، فقد اِلْتقى جلالته بهم مراراً، كما اِلْتقى عدد من ذوي الإعاقة في ديوانه العامر مرات، ومرات أخرى اِلْتقى بهم في أماكن رعايتهم وتدريبهم وتأهيلهم في رسالة واضحة باهتمامه الملكي بشأن ذوي الإعاقة، كما كان لجلالته وقفات غير مرّة حول أحداث تعرض فيها بعض ذوي الإعاقة للإساءة، ولا نزال نذكر تدخل جلالته -حفظه الله ورعاه- في حادثة الإساءة الجماعية التي تعرض لها عدد من ذوي الإعاقة في بعض المراكز التي عُرف عن أهداف تأسيسها أنها لخدمة ذوي الإعاقة، فما كان من جلالته حينها إلّا أن وقف بنفسه على الحادثة وأمر بتشكيل لجنة ملكية لمتابعة مجرياتها.
جلالة الملك لم ينسَ ذوي الإعاقة في أكلح الظروف وأصعب الأوقات فقد كان لهم من وقت جلالته نصيب حينما التقى بهم قبل عام والعالم بأسره يئن تحت وطأة جائحة كورونا في رسالة مفادها أنه- حفظه الله- لجانبهم داعماً لقضاياهم ومعززاً لمكانتهم وهو يراهم يحققون انجازات ليس بأقل من وصفها أنها مدعاة للفخر والاعتزاز، فهُم بحسب وصف جلالته يمثلون عزيمة الأردني وكل واحد فيهم يُمثل قصة نجاح تستحق أن تُروى ليُستلهم منها الروح المعنوية العالية التي ننشدها.
في سياق ما سبق، وما سبق غيض من فيض يتضح بأن مواقف الملك راسخة تجاه ذوي الإعاقة وأسرهم وتؤشر إلى اتجاهات حقيقية بضرورة تمكين ذوي الإعاقة ودعم حقوقهم لنعيش كل يوم حق من حقوقهم، فحقوق ذوي الإعاقة ليست ترفاً بقدر ما هي عدالة واستثمار في الإنسانية .
لقاء الملك اليوم بالمهتمين بشؤون ذوي الإعاقة وحقوقهم يحمل معانٍ كثيرة وسامية، فهو من جانب لقاء يحمل في مضامينه برقيات شكر وتقدير لجهود العطاء التي تُبذل في سياق خدمة ذوي الإعاقة، كما يحمل اللقاء بطاقات مباركة ومعايدة لذوي الإعاقة وأسرهم بيومهم العالمي والذي صادف الثالث من ديسمبر الحالي، من جانب آخر فهو وقفة على واقع الخدمات التي قُدّمت لذوي الإعاقة خلال الفترات الماضية لا سيما في مجال التشريعات والخطط والاستراتيجيات الهادفة لترسيخ حقوق ذوي الإعاقة لتكون واقعاً مُعاشا، كما يحمل لقاء جلالته عنوان لمرحلة جديدة عنوانها ضرورة إشراك ذوي الإعاقة في التنمية؛ إذ لا يقبل بقاء ذوي الإعاقة بعيداً عن مسار التنمية فهم شركاء العيش والمسيرة والبناء.
لقاء جلالة الملك اليوم يأتي رسالة لمؤسسات المجتمع المدني تحمل في مضامينها ضرورة الالتفات لذوي الإعاقة ودعم منظومة تمكينهم، فالعمل المنفرد تجاه ذوي الإعاقة لا يحقق الفائدة المأمولة، ولا بد من تضافر جهود الجميع مؤسسات وأفراد ليكونوا إلى جانب ذوي الإعاقة داعمين لحقوقهم ومُيسّرين لمطالبهم مُلبين لحاجاتهم، إذ سبق أن نوّه جلالته صراحةً بأن: "المطلوب من المؤسسات أن تعمل مع ذوي الإعاقة بشكل أكبر".
لقاء الملك يأتي اليوم والدولة تدخل مئويتها الثانية ورجالها غائبون عن ذوي الإعاقة- كما هم غائبون عن غيرهم لا مغيبون- ولا تزال بعض حقوق ذوي الإعاقة تراوح مكانها، إذ لم تكن حبراً على ورق فهي تئن من ضعف هذا المسؤول أو ذاك، برغم قانون حقوق ذوي الإعاقة الجريء الذي صيغ وشُرّع لأهداف سامية ونبيلة وبرغم الجهود العظيمة والكبيرة التي يقودها المجلس الأعلى لحقوق ذوي الإعاقة.
نعم فعلها الملك مراراً فهل تحذو مؤسساتنا حذو جلالته، وهل يلتقط من حُسبوا مسؤولين في دولتنا اليوم الإشارة ويفعلون ما فعله؟ أم أنهم سيبقون في نهجهم الوظيفي البائس الذي لم يُراوح مكانه منذ عقد على أقل تقدير!
حفظ الله الأردن أرضاً وشعباً وحفظ جلالته وولي عهده وأمدهم الله من لدُنه بالعون والعافية.