كانت صرخة الطفل أمير المشاقبة في ستاد الدوحة قبيل انطلاق مباراة الأردن والسعودية الأسبوع الماضي "الأردن وبس، الأردن هو الفائز" والتي خرجت من أعماق قلبه الصغير بانفعاله البريء تسقط كل نظريات "النخب" حول الهوية الوطنية لأن هذا الطفل جسد ببراءته الطفولية معنى الهوية الأردنية الحقيقية، وحب الأردن الحقيقي لدى الأردنيين جميعا الخالي من كل نزوة أو مصلحة أو أنانية، وكانت صرخته التعبير الحقيقي عن الهوية الوطنية وكيف تتجلى بنفوس الأردنيين دائما بعيدا عن التنظير والحذلقة لدى نخب مشغولة بماهية هذه الهوية ومحاولة العبث بها تحت مسميات مختلفة.
الهوية الوطنية معالمها واضحة في عقول الأردنيين على اختلاف منابتهم وأصولهم، بعيدا عن التنظير وصراعات "النخب" التي تسعى للحصول على مكاسب ضيقة من خلال العبث بهويتنا الوطنية.
الأردنيون يفهمون جيدا كيف تكون هويتهم، ولم يشككوا يوما بها، وانطلاقا من هذا المفهوم يمارسون حياتهم بمختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويتمسكون بهويتهم الراسخة في عقولهم ونفوسهم "دون غباش" ما دام الدستور قد وضعهم جميعا على مستوى واضح في الحقوق والواجبات سواسية دون تمييز، ولم تستطع تخبطات الإدارات وضعف الحكومات أن تخلخل أسس هذه الهوية في نفوسهم.
كان الطفل أمير بصرخته يعبر عن كل الأردنيين في حبهم لوطنهم وتمسكهم في هويتهم الأردنية التي تكاد تكون الأقوى والأمتن في الوطن العربي، لأن الأردني لا يساوم عليها أبدا، أما تلك "النخب" المشغولة بتفسير ووضع أوصاف مختلفة لهذه الهوية فبينها وبين الأردنيين هوة كبيرة، من عدم الثقة والرفض لكل العبث الذي تمارسه معظم هذه النخب في معنى هويتهم.
قلق الهوية الوطنية الذي يخرج علينا بين الحين والآخر البعض بأفكار غريبة عن هذه الهوية لا يوجد إلا في عقول أصحاب هذه الأفكار و"المبادرات" وهم كما ذكرنا بعيدين كل البعد عن حقيقة التلاحم الحقيقي بين الأردنيين من شتى منابتهم وأصولهم.
نطالب هذه النخب بأن تترك الأردنيين وهويتهم وتعمل لصالح البلاد والعباد وتثبيت مبدأ الناس سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات والوقوف بوجه كل من يحاول العبث بهذه القاعدة الدستورية التي رسمت الخطوط الرئيسة للهوية الوطنية الأردنية الحقيقية.
أمير عندما كان يصرخ بحب الأردن والذي ربما يعيش مع والديه في الدوحة طلبا للرزق كان يعبر حقيقة عن كل الأردنيين كيف يكون حب الوطن رغم كل الظروف الصعبة التي يتحملها الأردنيون في كثير من الأحيان سواء " في فرص التعليم أو في فرص العمل " انطلاقا من التمسك بهويتهم الوطنية الأردنية، وكان في الوقت ذاته يصفع كل من يريد العبث بهذه الهوية.
اتركونا وهويتنا وابحثوا لكم عن طريق آخر تحققون من خلاله أحلامكم الصغيرة في المنصب والسلطة.