العمل التطوعي والخدمة المجتمعية المدرسية
د. عبد السلام الشناق
05-12-2021 07:02 PM
يعتبر العمل التطوعي والخدمة المجتمعية من المصطلحات الاجتماعية الحديثة التي تم إدخالها خلال القرن الواحد والعشرين وتم تعريفها بأنها: المهارات العلمية في تنفيذ عمليات مختلفة لخدمة أشخاص معينين والتعاون معهم من أجل تحسين أحوالهم وظروفهم ومساعدتهم في تحسين ظروف مجتمعاتهم، فهي خدمات مهنية تعتمد على قواعد علمية من المعارف والمهارات وهي تختص في العلاقات الإنسانية بهدف مساعدة الناس سواء أفراد أو جماعات كما أنها وسيلة اجتماعية هدفها مساعدة المجتمع لحل مشاكلهم المجتمعية ومحاولة الوقاية والحد منها.
ويعتبر العمل التطوعي من الأنشطة الحديثة على الرغم من أن أصلها قديم نابع من دافع إنساني وديني لمساعدة الضعفاء والمساكين وحل مشاكلهم المجتمعية وتوفير حاجاتهم الإنسانية فقد وجدت في عهد الإغريق والرومان كما ظهرت في الثقافة العربية الإسلامية حيث كان المتطوعون يرافقون الجيوش لمساعدة الجرحى ويقومون بالأعمال التطوعية في بناء المنازل وزراعة الحقول وقطاف النخيل وإكرام الضيوف والعناية بهم ومساعدة المحتاجين فهي صفة لصيقة بشخصية الإنسان عامة والإنسان العربي على وجه الخصوص.
عرف عالم الاجتماع الأمريكي (جورج ليند) المؤسسة الاجتماعية على أنها أنماط سلوكية تمتد من جيل إلى جيل آخر وتنشأ هذه الأنماط من تكرار تجمعات الأشخاص الذين يتفاعلون مع بعضهم البعض عند استجابتهم لظروف الحياة المعقدة والتي يحددون موقعهم منها.
فالمؤسسة التطوعية ليست فقط جهات رسمية أو خاصة إنما هي أنماط سلوك معمم بين المجتمعات ومتوارث من جيل لآخر مما يبرز دورها وأهميتها البالغة في تعزيز وإسناد مهمات الخدمة المجتمعية وتسهيلها، فهي مؤسسة نشأت كوسيلة اجتماعية لتحقيق مصالح الأفراد المشتركة وتجعلهم متشاركين في ظروف المجتمع التقدمي المتطور ليكونوا بذلك أعضاء مثمرين ومنتجين في شتى مناحي الحياة.
ولما كانت الأهداف العامة للتربية في المملكة تنبثق من فلسفة التربية وتتمثل في تكوين المواطن المؤمن بالله تعالى المنتمي لوطنه وأمته المتحلي بالفضائل والكمالات الإنسانية النامي في مختلف جوانب الشخصية الجسمية والعقلية والروحية والوجدانية والمجتمعية، كان لزاما على وزارة التربية والتعليم أن تقوم بترسيخ القيم وتمكين الطلبة من جميع المهارات الحياتية وترسيخ القيم الأصيلة اللصيقة بشخصية المواطن الأردني وتعزيزها وتنميتها للحفاظ على الهوية الأردنية ومن هنا ظهرت الحاجة الفعلية لتأطير العمل التطوعي والخدمة المجتمعية المدرسية.
تسعى المؤسسات التربوية إلى تنمية المنظومة القيمية لدى الطلبة وإكسابهم الوعي الكافي لبناء جيلٍ مُـتَـحَـلٍّ بالفضائل والقيم الإنسانية، وبالالتزام نحو الذات والآخرين، ومكتسبٍ قواعد السلوك الاجتماعي والأخلاقي، وقادرٍ على تمثلها في التعامل مع الآخرين ومتغيرات الحياة؛ حيث تُعَـدُّ المنظومة القيمية من أهم المواضيع والتحديات التي تواجهها التربية المعاصرة في المجالات كافة وعلى جميع المستويات، فالقيم من المُـوجِّـهات المهمة للسلوك الإنساني، بل هي محددات وضوابط سلوك الفرد داخل مجتمعه.
وتُـعـنى وزارة التربية والتعليم ممثلة بإدارة النشاطات التربوية بإعداد الطلبة للحياة الاجتماعية والثقافية، وتأهيلهم لاكتساب قيم المواطنة والانتماء، وإكسابهم القيم النابعة من الفلسفة التربوية الأردنية والأهداف العامة للتربية، بحيث يستند العمل التربوي إلى ميول الفرد واستعداداته للتطور تطورًا سليمًا؛ عن طريق تكييف هذه الميول بناءً على أهداف المجتمع وبالقيم الديمقراطية والإنسانية العالمية، وتفعيل الأنشطة المدرسية التي تعزز القيم المجتمعية المختلفة لديهم، وتتيح الفرصة أمامهم للتعبير عن قدراتهم ومهاراتهم الشخصية والعاطفية والاجتماعية والتعليمية، والخدمة المجتمعية المدرسية فرع من فروع العمل التطوعي تشتق منه مبادئها وقيمها وأساليبها وطرقها وإجراءاتها التي تهدف إلى إكساب الطلبة السلوكات المرغوبة بما يضمن تطبيق الهدف العام من التربية لتحقيق الغاية في تكوين المواطن المنتمي للوطن والقيادة.
حمى الله الوطن والقيادة الهاشمية..