في يومٍ شتائيٍّ مُشمِسٍ وجميل

و بعد أن شربت قهوتي

في مقهىً هادئ

عند شاطئ بحر النّخيل

شَعرتُ بأملٍ كبير

فَبحثتُ عن قارئة لفنجانِ قهوتي

لعلّها تقولُ لي من الكلام الغاني

ما يَبْعثُ فيّ الأملَ و حُلوْ الأماني

وجدْتُها !

في مكان غير بعيد

جالسةً على طاولة في زاوية هادئة

وكانت تُتَمتِمُ بعض الأغاني وبعض النشيد

وأعجبني أنّها بَدت أنيقة وعَصريّة

مِعْطفٌ أسودٌ جميل

أَزرارُهُ ورديّة

وجهاز أيْ بود على طاولتها

وتَلبِسُ نظّارة ريبان

سوداء شمسيّة

قدّمتُ لها فنجاني

وقلتُ لها

"كم تُريدين يا سيّدتي كي تَقرئي لي

طالعَ هذا الفنجان

فأجابتني بثقة وهدوء

"خمسةً حمراء"

فاصَلْتُها وقلتُ لها

"خذي مني هذه الورقة الخضراء

وأجعلي يومي أخضراً و جميل "

تردّدت قليلاً

ثم نظرت إلى فنجاني بتأمّلٍ وصفاء

ومن ثم رفعت رأسها و نظرت إلى شاطئ البحيرة

بامعانٍ ورَويّة

وشعرتُ هنا بتفاؤلٍ وبريق أمل

عندما لمع في عيني

إنْعِكاس ضوء الشمس عن نظارتها الشمسيّة

ومن ثمّ التَفَتتْ إلي

لاحْظتُ أنّ لون وجهها قد تغيّر وتَكدّر!

ثم طأطأتْ ناظرة الى الفنجان

وقالت لي

"يا بُنيْ

ما أرى إلّا

أنّ أيّامك القادمة كلّها سوداء

وأنّها كُلّها شقاء في شقاء"

فَشَعرتُ بالخوف من كلامها

وقُلتُ لها

"أُنْظري مرّة أُخرى!

لعلّكِ تجدين وسط هذا السّواد

بعض الخيوط البيضاء"

فنظرتْ مرة أُخرى

وطأطَأتْ وقالتْ

" لا أرى وسَط هذا السواد الثّقيل أيّ نقطةٍ بيْضاء"

فَغَضِبْتُ من كلامها

وأَخذتُ فنجاني منها

وهَمَمتُ مُسرعاً أن أهربَ وأُغادر المكان

ولكنّني التَفتُّ إليْها

وسألتُها مُعاتِباً

"لماذا لا تقولين كلاما عصريّاً ومُجاملاً وجميلاً

وفيه على الأقل بعض النّقاط البيضاء"

وعندها فاضتْ دموعي وأَجْهَشتُ بالبكاء ْ

وكأنّها رقّتْ لي

فأجابتني

"هل ترى هذه النظّارة الريبان السوداء

الحقيقة يا بُنيْ أنّني عمياء"

وأنّني قد غضبتُ قليلاً

لأنّ دينارك الأخضر الذي أَعْطيْتَنيهْ

لا يُسمِنُ ولا يُغني من جوع

وسط هذا الغلاء !

هل عليّ أن أقرأ خمسة فناجين

لِخمسةِ بُلَهاء

من أجل وجبة غذاء ؟!"

ثمّ غيّرت لهجتها

وقالت لي باللغة الانجليزية

بنبْرةٍ فيها بعض السخرية والدّهاء

do you want to make yourself ?

with your one green JD

funny ?

so know! honey !

life is expensive

and time is money