في القضايا الكبرى اذا لم نتحدث جميعا بصراحة ووضوح سنبقى نخدع بعضنا ونصنع وهما وحملا سياسيا كاذبا.
في الاردن مازال هناك بعض القوى تتعامل معه ساحة وليس وطن، ومازال هناك تنظيمات حتى لو حملت ترخيصا وفق القانون الاردني الا انها فروع وامتداد لتنظيمات ليست اردنية بل تنظيمات لها تاريخ عدائي تجاه الاردن كوطن وارض ودولة.
ما يتم تداوله مثلا عما كان في مسيرات امس الجمعة من هتافات وشعارات ورفع صور واعلام لتنظيمات ودول وقادة خارج الاردن امر لاعلاقة له باتفاق المياه والكهرباء مع اسرائيل او بأي قرار حكومي ترفضه قوى سياسية او شعبية، والهتاف لتنظيمات غير اردنية لايمكن اعتباره رفضا لاتفاق الماء والكهرباء بل هو مسار سياسي لايمكن لاردني حقيقي القبول به، فحتى من هتف له فئات من المتظاهرين فقد وقع اتفاقا سيئا مع اسرائيل وتنازل لها عن كثير من حقوق الشعب الفلسطيني ومازال يتنازل الى الان.
ورفع صور لقادة عرب ماتوا ماعلاقته برفض اتفاق حكومي، وهل أصحاب تلك الصور الراحلين حرروا القدس ام كانت سياستهم سببا في ضياع الارض عام ١٩٦٧، بعدما اشبعوا الدنيا تهديدات ثم كانت هزيمتهم وصناعة النكسة على ايديهم.
وبعيدا عن تقييم التاريخ، فإن ما نسمع عنه ونراه يعزز حالة عدم الثقة ويؤكد ان البعض لديه مشكلة مع الدولة الاردنية وتركيبتها وبنيتها وحتى بقاءها وليس مع اتفاق او قرار حكومي، ويؤكد ايضا ان مرور عشرات السنين ووجود قانون للاحزاب لم يكن اكثر من اعطاء بعض القوى غطاء للتواجد لكن لم يكن قادرا على تغيير جوهرها واولوياتها وموقفها من الدولة.
اصبح واجبا على القوى السياسية الراشدة في بلادنا ان تفعل شيئا مع هذه القوى التي لاتترك فرصة حتى تعلن عن جوهر واولويات لاعلاقة لاي تنظيم اردني بها، وتتحدث بلغة تفتح الابواب لمسارات سياسية مؤذية للحالة الاردنية بشكل عام.
حين يقال ان المطلوب احزاب اردنية واحزاب وقوى وتنظيمات تؤمن بالدولة الاردنية فالامر ليس شعارات بل مضمون لان اولويات اي تنظيم وجوهره وولاءه ان كانت غير اردنية ستظهر في مواسم مثل التي نعيش، ومراحل يعتقد هؤلاء ان الدولة في حالة ضعف مرحلي.
ايا كانت القضية التي يخرج من أجلها اي تنظيم في مسيرة او مظاهرة فان مايقال في المسيرة من شعارات وهتافات وما يتم رفعه من اعلام وصور يجعل منها امرا مقلقا ويحتاج الى معالجة ،ولن يقبل اي اردني حتى لو كان رافضا لاي علاقة مع اسرائيل ان يكون مضمون الاحتجاج شعارات وتأييد لاي تنظيمات غير اردنية او تمجيد اي قائد غير اردني او الاساءة الى رمز الدولة الاردنية ،ومن لديه مشاعر سلبية تجاه الدولة والوطن الاردني فليكن ذكيا في اخفاءها الا اذا كان اعلانها مقصود.