طلبة الجامعات .. هل هم حجر الزاوية في العملية السياسية؟
وائل منسي
04-12-2021 01:09 AM
هناك مقولة لكاتب من أوروبا الشرقية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، أنه كلما زاد وعي المجتمع وثقافته وإدراكه، ازداد الإحتكاك مع النظام السياسي الحاكم، ويتجلى ذلك في الأنظمة "المستبدة" (مصطلح سياسي له مؤشرات وتقييمات).
وأيضا الإحتكاك في أنظمة تعتبر ديمقراطية مثل مظاهرات فرنسا الأخيرة ضد ماكرون، وهذه مفارقة.
في الأردن وحسب مؤشر مجلة الإيكونومست الأخير للديمقراطية، كانت دولة مستبدة، لكنها تسعى للإصلاح السياسي، وتشخيص الحالة الأردنية في العام الأخير معروف والظروف التي أحاطت بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وأسبابها ومسبباتها أيضا معلومة، وأن الأردن لا يستطيع السير بالأساليب القديمة والتشوهات السياسية والإدارية والاقتصادية وآثارها الإجتماعية المدمرة، فوجب التغيير.
ومن المخرجات الهامة عدا قانوني الإنتخاب والأحزاب الهامين، مخرجات لجنة تمكين الشباب، فاعتمدت هذه اللجنة منهجية علمية واستراتيجية بمرتكزات وقيم ومجالات وفئات عمرية وأهداف وبرامج وتوصيات وأفكار قابلة للتطبيق.
ومنها فئة طلاب الجامعات الذين يبلغ عددهم هذا العام حوالي 300 ألف طالب أردني في الجامعات الأردنية الرسمية عدا الجامعات الخاصة.
وهم فئة جديرة بالتمكين والتوعية والتوجيه نحو العمل السياسي والإنخراط في التيارات الحزبية، حسب توصيات اللجنة، فهم نخبة المستقبل القريب وقادته.
وفي السنوات الأخيرة التقى جلالة الملك دوما مع الطلاب في جامعاتهم ويحرص على محاورتهم، لإدراكه أهمية هذا الجيل، وتمكينه سياسيا، بدلا من النزاعات والنزعات الجهوية والمناطقية والعنصرية التي عانت منها الجامعات الرسمية طوال عقدين.
أما رموز قوى الشد العكسي فتعتبر هؤلاء الطلاب خطرا على وجودهم ومراكزهم ومكتسباتهم، ويتشبثون بمراكزهم ونفوذهم، وكانت اعتقالات الطلاب الأخيرة في هذا السياق.
وقد نجحوا قليلا في تجريف الأمل لدى الشباب وإعادتهم إلى الإحباط واللاجدوى من العملية السياسية ومستقبلها.
وعلينا أن لا نفقد الأمل، وإذا أخذنا موضوع اعتقال الطلاب من ناحية إيجابية، فلعلها فرصة للتخلص تدريجيا من بعض الرموز المتشددة والتي سماها جلالة الملك "بالديناصورات" في إحدى مقابلاته، وترشيد نفوذ بعضها الآخر وعقلنته.
وفي الوقت نفسه على الدولة أن تفكر جديا بوضع حدود منظمة لتدخل مراكز القوى وتعيد ترتيب وهيكلة هذه القوى والمراكز، حتى لا تربك خطط الدولة وبرامجها وحتى لا ترسل رسائل عكسية للمجتمع، وايضا يجب أن تعمل على توعيتها وإدماجها في أولويات الدولة ورؤيتها لعملية الإصلاح السياسي والإداري والإقتصادي، لانتقال سلس وآمن للوصول إلى ديمقراطية حقيقية كاملة.