على جميع دول العالم، والعربية خصوصا، الوقوف عند التحذير الذي أطلقه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فيليب لازاريني، خلال اجتماع اللجنة الاستشارية للوكالة الأسبوع الماضي في عمان، والمتعلق، وفق موقع الوكالة الرسمي، “بالمخاطر المرتبطة بالأزمة المالية التي تواجهها الوكالة، وتأثيرها على قدرتها على المحافظة على الخدمات للاجئين الفلسطينيين” في المنطقة، خصوصا وأن الأمر يأتي ونحن نعيش زمن الكورونا وتحوراته العنيدة، وآخرها أوميكرون، وما قد يأتي بعده.
إنه بمثابة قرع جرس الإنذار لكل دول العالم للتحرك فورا، فرادى وجماعات، وتقديم المساعدة العاجلة للوكالة، والتي بتنا نشهد إضرابات للعاملين فيها هنا وهناك. ولفداحة الأمر، فما علينا إلا التمعن في قول لازاريني خلال اجتماع اللجنة: “تخيلوا الشعور الهائل بالتخلي الذي يمكن أن يأتي مع تعطيل ما قد يكون شريان الحياة الوحيد المستقر للاجئي فلسطين”.
الأمر فعلا بحاجة لاجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتبني مشروع يأخذ في الحسبان تلبية الاحتياجات المالية المزمنة الحالية للأونروا، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتعامل مع جائحة كورونا، والمتطلبات خلال الخمس سنوات القادمة على الأقل، لضمان الاستقرار والديمومة والنجاح في عمل الوكالة.
وقد يكون من الضرورة أيضا إطلاق تحرك عربي من خلال عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، للخروج بقرارات، ولا نقول توصيات، بتقديم مساعدات عربية على وجه السرعة. فنحن هنا نتحدث عن نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، وهذا حقهم علينا من باب العروبة والدين والإنسانية.
وإن كان لكلا الأمرين أو أحدهما أن يرى النور، فلا بد وقتها من البناء على مخرجات المؤتمر الدولي حول الأونروا، والذي عقد مؤخرا في بروكسل برئاسة الأردن والسويد، والذي سعى، وبحسب الوكالة، “إلى جمع أموال عاجلة لسد الفجوة في عام 2021، وتأسيس برنامج تخطيط طويل الأجل لها”.
هذا من جانب المساعدات، لكنه لا بد أيضا من إدامة الزخم إعلاميا وتواصليا وتسليط الضوء على ما تواجهه وكالة الأونروا من صعوبات، خصوصا نقص التمويل. وهذا ما على القائمين على الوكالة العمل عليه خلال الأسابيع والأشهر القادمة لبيان حقائق الأمور وتطوراتها على الأرض في مختلف المحافل الإقليمية والدولية وعلى المستوى الشعبي في العالم، ما سيسهم في إيجاد حالة من التعاطف والتفهم والدعم للتصدي لما يواجهه اللاجئون الفلسطينيون في العالم من تحديات مصيرية متفاقمة.
قضية الأونروا ودعمها في النهاية هي قضية كل إنسان له ضمير، لمساعدة من يعانون التهجير عن أوطانهم بفعل احتلال غاشم، لم يبقى غيره على وجه المعمورة في عصرنا الحالي. وإذا كان وباء كورونا قد وحد الإنسانية في التعاون ضد عدو مشترك، لتكن الأونروا ما يوحد البشر أيضا في مساعدة إخوانهم وأخواتهم من البشر، ومنحهم الأمل ليعيشوا حياة كريمة، ينطلقون منها إلى رحاب العالم.
ولنمعن النظر هنا في إشارة المفوض العام للأونروا، في كلمته خلال المؤتمر الدولي في بلجيكا، إلى الشاب الفلسطيني لؤي البسيوني، والذي استطاع من دراسته في إحدى مدارس الأونروا في قطاع غزة أن “يصبح مهندسا ناجحا في وكالة ناسا لعلوم الفضاء”. وإن دل هذا على شيء، فهو قوة التعاون البشري في توليد قصص نجاح ريادية من العدم. ليكن هذا هدفنا، ولتستمر الأونروا في كونها نموذجا أمميا في التصدي للقهر والمعاناة الناجمين عن الاحتلال واغتصاب الحقوق.
(الغد)