في المصيبة التي نعيش في ظلها نحن والعالم من وباء فتّاك أسموه كورونا؛ كنّا نحن في الأردن في لعبة وسجال مع هذا الوباء ما بين كرّ وفرّ، حتى وصلنا إلى حالة رأينا أننا قد أمسكنا به في خانة (اليَكّ). جلّسنا وأرحنا ظهورنا على ظهور مقاعدنا، وبدأنا في راحة شملت ترك الساحة له. غادرنا مقعدنا وما زالت اللعبة مفتوحة لم تنته. بقي اللّعين في مقعده يفرك يديه، يحاول ويحاور للإفلات من هذه الخانة المحبوس فيها ونحن غافلون منهمكون في حياتنا ما بين عزاء وفرح وقبلات في اللقاء والوداع.
ألقينا كماماتنا جانبًا.. هي لا(تلبق) لنا. ألا يضعها لصوص المصارف وقطّاع الطرق؟!. أليست علامة على عملية تجرى لمريض قد تذهب به لا نعرف ولا يعرف هو.. أين؟!. ثمّ نحن فينا من يأبون تغطية أنوفهم، هي علامة العزّ والجاه. ينسون أنها رمز للعز والجاه بالعمل الجاد بالحميّة بخدمة الوطن والأمّة، وليس بالخشم المحسوس فهو من لحم ودمّ.
منذ أيام مررت على محلّ لشراء سلعة ما هو ربّما في أواسط الأربعينات من عمره، خريج جامعة!!. لم يكن يضع كمّامة. أنا رجل أضع كمامتي عمّال على بطّال، وأحيانًا اغفو على كرسيّي وأنا أشاهد مسلسلاً مملاً، أو أخباراً تثير الغثيان.. وأنا أضعها، بيني وبين الرجل كلام سابق ومودّه ويعتبرني بمثابة أخاه الكبير. سألته لماذا لا تضع الكمامة، نظر إليّ بانتصار وزهو كمن يركب فرس عنتره، ولولا الاحترام وفارق السّن؛ لشخر ونطر، هزّ رأسه، قال: «يا عمّي هذه مؤامرة!، ما في كورونا ولا بورونا» أنا لم آخذ اللقاح لأنه مضرّ وهو تسويق لمنتجات(الأعداء)!!!.
لم أَجِد مجالاً ولا فائدة من مناقشتي معه؛ (عنزة ولو.. طارت). هو مصرّ على موقفه وللأسف هناك كثيرون من جهابذة الفكر الاعتراضي مثله، ستراهم في كلّ مكان. بالمناسبة أتساءل، كم من عضوٍ من ممثلينا.. في مجلسنا؛ تبادلوا(العبط) والقبلات للتهنئة بنجاح زملاء لهم بانتخاباتهم الداخلية الأخيرة وهم بلا كمّامات؟!، هم ممثلو الأمّة ومثلهم العليا.
أنهيت ما جئت من أجله معه. مضيت وأنا أعض شفتاي، أعضّ بنواجذي على ما تبقى منها، وأنا أستغفر الله لي وله وللعديدين من أمثاله وهم.. كُثر. لم أعتقد أنّه مازال بيننا وعلى مثل هذه الدرجة من العلم والخبرة والثقافة!!! من ما زال يحمل مثل هذه الآراء والمعتقدات، أما البسطاء وهم الغالبية العظمى منّا؛ فمنهم من يتقيّدون، يتماشون مع النصائح من دافع المواطنة الصالحة و...بلا فلسفة. ومنهم من يقلّدون بل ويعتقدون كما هذا الصّديق. حماهم الله. و...لك الله يا وطننا، لك الله يا بلد.
الرأي