عندما كانت الحكومة ترفع أسعار المحروقات لتعكس الاتجاه العالمي لسعر النفط، وسمها البعض بحكومة رفع الأسعار، والآن وهي تثبت أسعار المحروقات، لماذا لا يصفها هؤلاء بأنها حكومة تخفيض او استقرار الأسعار.
كالعادة هناك من ينظر الى النصف الفارغ من الكأس ويرى الأمور بعين واحدة لا ترى سوى الجانب السلبي.
بعد آخر رفع للأسعار ثارت ثائرة رواد السوشيال ميديا ونشرت فيديوهات تهدد وتتوعد وتحرض بينما ان حدث العكس كما في الحالة الراهنة لم نسمع اية همسة.
والآن وقد جرى تثبيت الأسعار رغم اضطراب اسواق النفط العالمية التي ارتفعت بسبب مخاوف كورونا المتهور وبسبب اضطراب اسواق الانتاج هل وصلنا إلى قناعة بأن الحكومة لا ترفع الأسعار ولا تخفضها بل هي ترتفع وتنخفض عالمياً، وبالتالي لا تستحق الشكر إذا خفضت الأسعار، او ثبتتها وتستحق الذم اذا رفعتها مع ان المعادلة واضحة لان الاسعار ترتفع كلما ارتفعت في اسواق المنشأ وتنخفض كلما تراجعت دون اي تأثير من جانب البلدان المستوردة والاردن واحد منها.
هناك من سيقول ان الضرائب المرتفعة سبب وهو محق لكن الضرائب سلاح لخدمة هدفين الاول ضبط الاستهلاك المفرط اما لسلعة مستوردة تستهلك نحو ٤ مليارات من الدنانير سنويا. اما الثاني فتحقيق ايرادات لتلبية بنود الرواتب والاجور لآلاف الموظفين.
هناك اعتقاد خاطئ يقول ان الخزينة تربح إذا انخفضت الأسعار العالمية وتخسر إذا ارتفعت تلك الأسعار، لكن الصحيح هو ان الموازنة محايدة ولا يجب ان تتعرض للمخاطر.
السوق العالمي هو الذي يقرر رفع الأسعار أو تخفيضها، ولا يتوقف الأمر عند المحروقات فقط لكن ان تسير الحكومة بعيدا عن التيار فهذا سخاء ليس في محله لكنه في الجهة الاخرى تماشٍ مع الظروف الاقتصادية الصعبة مع حلول فصل الشتاء حيث يتزايد الاستهلاك خصوصا للاسر الفقيرة.
بقي ان الاردن جزء من هذا العالم، ولا تستطيع الحكومة أن تحميه من تقلبات الأسواق العالمية مع ان مخصصات الدعم في الموازنة لم تنقص بل انها تزيد سنة بعد اخرى.
الأردن ليس دولة بترولية تستطيع توزيع المحروقات باقل من تكلفتها او بالمجان أو إلغاء الرسوم والضرائب كما تفعل الدول المنتجة والتي لاحظنا انها بدأت بفرض ضرائب على الاستهلاك.
الحكومة مديونة، وكل دعم تقدمه بالدين لكنها آثرت ألا تعكس ارتفاع الاسعار العالمية.
ما حدث على صعيد أسعار المحروقات سوف يحدث على صعيد تعرفة الكهرباء، والنقل والانتاج والخدمات..
تثبيت اسعار المحروقات سيثبت اسعار آلاف السلع والخدمات.
(الرأي)