الانظمة القانونية لا تصلح لدينا مصدرا للتجريم والعقاب
أ. د. كامل السعيد
30-11-2021 05:33 PM
يمكن ان يشار الى ان الانظمة القانونية على نوعين، اولهما: انظمة تنفيذية تأتي تطبيقا للمادة (31) من الدستور بقولها "الملك يصدق على القوانين ويصدرها ويامر بوضع الانظمة اللازمة لتنفيذها بشرط ان لا تتضمن ما يخالف احكامها".
ثانيهما: انظمة مستقلة تستند في صدورها الى مواد دستورية كالانظمة التي نصت عليها المادة (120) من الدستور بقولها "التقسيمات الادارية في المملكة الاردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها واسماؤها ومنهاج ادارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والاشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعيّن بانظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك".
يستفاد مما تقدم ان الانظمة بنوعيها يصدرها مجلس الوزراء ومن المسلم به انه لا يجوز للانظمة بنوعيها مخالفة القوانين او الدساتير التي تاتي لتنفيذها سندا لمبدأ التدرج التشريعي او مبدأ تسلسل القواعد، فلا يجوز للقرارات الصادرة عن احدى الجهات الادارية ان تخالف التعليمات التي صدرت هذه القرارات بالاستناد اليها، ولا يجوز للتعليمات الصادرة ان تخالف الانظمة التي صدرت هذه التعليمات بالاستناد اليها , ولا يجوز للانظمة ان تخالف القوانين التي صدرت هذه الانظمة بالاستناد اليها، واخيرا لا يجوز للقوانين ان تخالف الدساتير التي صدرت هذه القوانين بالاستناد اليها.
وبالنظر الى ان التجريم والعقاب لا يكون الا بنص في القانون وفقا لما ورد في نص المادة الثالثة من قانون العقوبات بقولها "لا جريمة الا بنص ولا يقضى بأي عقوبة او تدبير لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة وتعتبر الجريمة تامة اذا نصت افعال تنفيذها دون النظر الى وقت حصول النتيجة".
وعلى الرغم من ان صياغة هذا النص معيبة من الناحية التشريعية، اذ قد يفهم منها ان العقوبة او التدبير هما اللذان يجب ان يتضمنهما النص القانوني الذي يتولى التجريم، الا ان كلمة عليهما تنصرف ويجب ان تنصرف الى الجريمة واثرها من عقوبة وتدبير , لانه لا يعقل ان يكون الاثر لنص في القانون في حين يكون المصدر وهو الاصل لنص في غير القانون اي بالنظام مثلا.
فالمشرع لدينا لم يجعل التجريم ولا العقاب الا بيد السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الاصيل في التشريع وهو مجلس الامة والملك بمقتضى المادة (25) من الدستور، اذ لو اراد المشرع منح السلطة التنفيذية هذا الاختصاص بنظام لما تردد في ذكر ذلك صراحة بان استخدم عبارة تفيد هذا المعنى بقوله "لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون وليس بقانون".
وهو ما اوردته التشريعات الدستورية المصرية منذ بداية عام 1923، واخرها كان الدستور الصادر عام 2014 حيث نصت المادة (95) منه على ان "العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون. ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائي ولا عقاب الا على الافعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون".
وبالمثل ورد نص المادة (20) من الدستور العراقي الصادر في سنة 1964 وكذلك المادة (32) من الدستور الكويتي الصادر في سنة 1962.