هل يستطيع مجرب من أصحاب المواقع القيادية محاكاة وصفي التل فيرتدي عباءته ويمتطي صهوة جواده ويغسل يديه وقلبه ويجرد عقله ويتحلى بنزاهته وشجاعته وخلقه وتواضعه وحبه للعمل النقي وعشقه للوطن واهله والتضحية من أجل ترابه الطهور وحمل هموم الوطن على كاهله دون ملل او كلل والاخلاص لقضايا الامة.
وماذا عليهم لو فعلوا ذلك بعد تطهير الذات من حب المال المشبوه والنزوات الفردية وعشق الشهرة والبحث عن المصالح الضيقة والتظاهر بحب الوطن افتراء وكسر الكبرياء والتواضع ونبذ الخمول والكسل وقلة العطاء والتجبر على الناس وخنق حناجرهم.
هل يجرؤ أحدهم ليعيد تلك التجربة الخالدة ويتحدث بحال الامة وضميرها ووجدانها بصدق وعفة وشجاعة وتواضع فيحمل همومها ويتحرى الامها وآمالها وطموحها وينهل من عبقها ويتذوق طعمها فيكون نبراسا يضيء الطريق ويبعث الطمأنينة ويكون مثالا يحتذى حينما يتصدر مشهد الوفاء والاخلاص والتضحية ويكبح جماح الشهوات ويضع حدا للفساد ويطبق القانون بحزم يصلح به الحال والمآل.
ذهب وصفي جسدا وبقي روحا وجوهرا معلقا بقلوب شعبه ومحبيه وعشاق الحق الباحثين عن السكينة المتألمين من وقع الجائحات وندرة الانجازات وتبعثر العطاءات وغياب العمل الجاد الدؤوب لمصلحة الامة.
لقد كرس وصفي حياته لخدمة أمته ليس بالاقوال الزائفة ولا بالتظاهر والادعاءات الشفوية وإنما سطر إنجازات ماثلة على أرض الوطن وتحكي قصته كل يوم وساعة فتلك قناة الغور الشرقية وذاك سد الملك طلال وتلك محطة الأقمار الصناعية والاذاعة الاردنية والتلفزيون والجامعة الاردنية وشركات الفوسفات والبوتاس وميناء العقبة وغيرها الكثير.
وتلك زياراته الميدانية للقرى والمدن والبوادي ورفعة قطاع الزراعة والصناعة واغاثة الملهوف والعفو والتسامح واسقاط الحقوق الشخصية والسمو عن ملاحقة المخطئين بحقه والدعوة لتلبية احتياجات المواطنين كلما ألم كرب او بدت ضائقة بصدق وعفوية وشموخ.
ماذا عليهم لو فعلوا مثله او بعضا من مثله وهل يمكن أن يكون ذلك الحلم حقيقة.