يتكرر كثيرا في الآونة الأخيرة مصطلح «مخالفة الدستور»، وبات من السهل على أي ناقد أو معترض على ما يستحدث من نصوص تواكب الحداثة السياسية أن يسند هذا الوصف على النصوص.
وحتى لا نغوص في مسائل فقهية معمقة، نود التأكيد على الحقيقة القانونية الثابتة وهي أن مخالفة الدستور تقع في حالة من ثلاث: إما وجود نصين متعارضين في ذات الدستور، أو ورود نص في القانون يتعارض مع نص دستوري، والأخيرة حالة تعارض نظام مع حكم دستوري صريح.
وبخلاف ذلك كله، يكون كل ما هو في إطار التشريع دستوريا.
أما الاشتباه بالنصوص المستحدثة المضافة أو المعدّلة فيتحقق إذا كان هناك تعارض صريح كما أسلفنا أو خروج على المبادئ، سواء التي قام الدستور تبعا لها أو التي تتطلبها طبيعته كالوحدة العضوية بين نصوصه، ومبدأ الفصل بين السلطات أو استقلال القضاء وغيرها.
وعليه؛ وفي معرض وجبة التعديلات الدستورية يكون من السابق لأوانه إثارة أية شبهات أو دفوع تتعلق بعدم الدستورية، فالدستور هو التشريع المشترط فيه أن تتكامل نصوصه لتشكل وحدة عضوية، ويقرأ مع تفاسيره والأعراف المكملة به كوحدة واحدة لا تقبل التجزئة.
إن دستورنا الأردني العتيد مثال في تناسق نصوصه وتناغمها، وإن كمّ التشريعات المنبثقة عنه متناسق هو الآخر، فصناعة التشريع الأردنية مشهود لها لما يحظى به الدستور والقوانين من مراحل فلترة وتمحيص تمر عبر مطبخ السلطة التنفيذية إلى غرفتي التشريع من أعيان ونواب ثم المصادقة الملكية وبعد ذلك كله رقابة السلطات الثلاث على دستورية النصوص والذي تتولاه بالنتيجة المحكمة الدستورية.
إن ذلك كله كفيل بأن يكون المنتج دقيقا مدروسا، وهذا ما يستدعي عدم إثارة الدفوع بلا إسناد حقيقي واضح، وأن لا نسقط تلك الصفة بلا أسانيد ومبررات، لما الدستور ونصوصه من سمو ومكانة ومرتبة.
(الرأي)