الدرعاوي يكتب : زيادة الفقر حصاد ما زرعتم
14-07-2010 04:17 AM
بعد سنين طويلة من التصحيح الاقتصادي وسياسات تقشفية تحملت جيوب المواطنين وحدها فشل تلك البرامج, وبعد عمليات خصخصة باعت معظم اسهم الحكومة بثمن بخس في ظل مواصلة زيادة معدلات الضريبة الى اعلى مستوياتها, هذه نتائج تظهر جليا على المجتمع من خلال ارتفاع معدلات الفقر وجيوبه في المملكة في الوقت الذي ينتظر فيه الاردنيون تحسنا على أمنهم المعيشي.
مسح الفقر الذي اعلنت الاحصاءات العامة نتائجه يظهر جليا ما آلت اليه احوال الامن المعيشي للاردنيين الذي تدهور في ظل سياسات لم تراع ابدا الاعتبارات الاجتماعية من جهة ولا زيادة الانتاجية والتأهيل من جهة اخرى, فكانت الحصيلة مزيدا من الفقر.
نتائج مسح الفقر في الاردن أظهرت ان 13.3 بالمئة من اجمالي سكان المملكة يقعون تحت خط الفقر العام المطلق, كما ان حد الفقر العام يبلغ 680 دينارا في العام, وهو المبلغ الذي يكفي حاجة الفرد من الغذاء والخدمات بانواعها, في حين ان خط فقر الغذاء (المدقع) يبلغ 292 دينارا و388 دينارا خط الفقر لغير الغذاء للفرد في العام, ويكفينا الآن ان نتعرف ان 83.4 بالمئة من المشتغلين في المملكة تقل رواتبهم عن 300 دينار.
النتائج اظهرت مدى الخلل الحاصل في السياسات الاقتصادية التي جرى تنفيذها في العقدين الماضيين, فالدراسة اشارت مثلا ان متوسط نفقات الاسرة السنوي 7057 دينارا في حين ان معدل دخلها لا يتجاوز 6166 دينارا, وهذا دليل على ان البرامج التي نفذت ركزت على الجانب الاستهلاكي غير المنضبط في حين أهملت السبل الكفيلة بزيادة الدخل.
جانب آخر من الخلل هو ذلك الحاصل في نوعية الاستهلاك حيث اظهرت النتائج ان متوسط احتياجات الفرد من السعرات الحرارية اليومية انخفض الى 2325 سعرة حرارية في عام 2008 مقابل 2340 سعرة حرارية في عام 2006 .
المصيبة الاكبر في المسح هي ان عدد جيوب الفقر في المملكة ارتفع الى 32 جيبا في عام 2008 مقابل 22 جيبا في عام 2006 منها 18 قضاء مستمرة في حالة الفقر منذ ,2006 وهنا نتذكر ما قاله رئيس الوزراء الاسبق د. معروف البخيت من ان الحكومات السابقة انفقت اكثر من 700 مليون دينار على برامج لمواجهة الفقر والنتيجة كانت عكسية بعد ان تبخرت الاموال دون ان تحقق أية جدوى.
نتائج مسح الفقر مخيبة للآمال لكنها نتيجة منطقية للسياسات السابقة التي طالما كانت هناك دعوات لاعادة النظر فيها من كافة جوانبها, صحيح ان الحكومات زادت من مخصصات صندوق المعونة الوطنية ولولا تلك البرامج لزادت معدلات الفقر الى اكثر من 21 بالمئة, لكن الكل بات يعلم ان تلك البرامج لا تعالج الفقر وانما تخدّر الوضع وليس لها علاقة او ارتباط بزيادة تأهيل المستفيدين وانخراطهم في سوق العمل ورفع كفاءتهم, وللأسف ان بعض جوانب تلك المساعدات ساهم في مأسسة الفقر في المملكة.
القضية الرئيسية التي ما زالت الحكومات تعمل على تجاوزها هي عدم الاعتراف بالابعاد السلبية لسياساتها بعد كل تلك النتائج المريبة, واصرارها على ان الاقتصاد بات منيعا وان الاردنيين في مستوى معيشي افضل مما كانوا عليه في السابق, للأسف هناك تضليل بات متعمدا في اظهار النتائج.
نتائج الاحصاءات هي انعكاس طبيعي لما سلكته الحكومات, فالدخل تراجع والنمو الحاصل هو نمو نخبوي لا ينعكس على شرائح المجتمع, والسياسات ولدت فجوة حادة في توزيع الدخل, والامن المعيشي لمعظم الاردنيين بات في وضع مقلق, فماذا عساها ان تفعل الحكومة الآن لمواجهة هذا الوضع المأساوي بعد ان باعت كل شيء كان متاحا لها?0
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم.