كسرتني كلماتك يا أخي محمد الطراونة، ونحنّ كلّنا مكسورون في آخر الأمر أمام الموت. سحرني حبّك يا محمد لأريج، التي كانت تعبر نحو خمس سنوات من المرض، وهي التي كانت تشحن روحك بالحياة، وتعرف أنها راحلة، فتشحن بك مع آذان الفجر روح التواصل والاستمرار…
كسرتني كلماتك يا حبيب، عن الحبيبة، وأنا الذي تتملكني الآن كلمات محمود درويش، التي أظنّ أن أريج حبيبتك كانت ترددها في سرّها، في رحلة المرض اللعين: وأعشق عمري لأنني إذا مِتُ أخجل من دمع أمّي، ولعل الراحلة كانت تُضيف: أبي.
مكسور أنا يا صديقي معك، فليس هناك من فاجعة توازي دفن أب لإبنته، وكم أحترم هذه الأربعين يوماً التي صنعت من هذا الرثاء الكاسر لحبيبتك، وكم احترمك لأنك تواجه هذا الصعب، وتكسره بالكلمات الحميمة، الحنونة، فليس هناك مثل الأب لإبنته.
سامحني، يا أخي، إذا تدخّلت في جرحك الذي لا يندمل، وسامحني وأنا أعزيك في أفقد الفقدان، وسامحني لأنني أبكي معك، فأنا أشاركك أمام الخلق كلّه حزنك، ولعلّ أريج، إبنتك الراحلة تسمح لنا وهي جنان ربها هذا النشيج.
أنت، يا صديقي، خرجت منتصراً، لأنك حاربت بشجاعة، وأريج ودّعتك وهي منتصرة لأنها في رحاب الله وجنّاته بإذنه تعالى، ولا يبقى من قول سوى: رحمها ربي لأن رحلة مرضها ورحيلها كانت مسيرة اختبار، يا حبيبنا محمد الطراونة، وللحديث بقية.