ضمن جدلية "الكهرباء مقابل المياه"
د. م. محمد الدباس
27-11-2021 11:08 PM
استوقفني كما استوقف الكثيرين منا موضوع النشر الإعلامي عن "اعلان النوايا" في الجدل الدائر والرفض الشعبي، في موضوع الكهرباء مقابل المياه مع إسرائيل، علما بأن هذا الإعلان (كمفهوم) هو مقدمة اتفاق لاحق درج استخدامه بشكل عام بهذا التعبير، وبغض النظر عن وجهة نظري الشخصية (غير المؤيدة بالمطلق) لهذا الإعلان مع اسرائيل من جهة؛ إلا أنه قد استوقفني (كمبدأ) خيار استبعاد وزارتين معنيتين بحجم وزارتي الطاقة والبيئة من جهة أخرى، والسبب في ذلك أن مثل هذا الإعلان للنوايا قد يتكرر مع دولة عربية أو صديقة، وبالتالي يتوجب (اجرائيا ومؤسسيا) وجود مثل تلك الجهات بحكم الإختصاص لمثل هذه النوايا أو الإتفاقيات المستقبلية بين الدول العربية مثلا، أو غيرها من الدول الصديقة.
لكن ما يؤلم أكثر هو "هشاشة" هذه الحكومة، والتي أجد مناسبا لفت نظرها الى ضرورة أخذ البعد الإقتصادي لمثل هذه المشاريع؛ فمثلا مشروع يوقع فيه إعلان نوايا كمقدمة اتفاق لمشروع باستطاعة 600MW كهرباء ستولد من الشمس يتوجب فيه التحوّط الإقتصادي للمنافع المتوقعة من مثل هذه المشاريع بشكل عام، من حيث (ملكية) شهادات خفض الإنبعاثات أو ما تعرف ب Carbon Credits جراء توليد طاقة كهربائية نظيفة من مصدر متجدد للطاقة، وقد يسأل سائل كم تبلغ القيمة السوقية لمثل هذه الشهادات الكربونية النظيفة من مشروع باستطاعة 600MW؟
الجواب : عند تسجيل هذا المشروع كمشروع طاقة نظيفة تحت الآلية المتبعة للإتفاقية الإطارية للأمم المتحدة والمعنية بالتغير المناخي United Nations Framework Convention on Climate Change UNFCCC وبروتوكول كيوتو واتفاقية باريس للمناخ؛ فإن العوائد المتوقعة ستصل الي أكثر من 70 مليون دينار على طول عمر الإتفاقية المقدرة ب 20 عاما على أقل تقدير، جراء بيع شهادات خفض الإنبعاثات في سوق الكربون العالمي بما يساوي بيع أكثر من نصف مليون طن CO2 بالسنة، بالإضافة إلى حصول مُطور المشروع على شهادات خفض الإنبعاثات، والتي ستؤهله للتقدم بالحصول على منح وقروض دولية ميسرة وبأسعار منافسة للفائدة، وفي هذه الحالة فإن المالك للمشروع هو صاحب تلك الشهادات؛ وهو مُسوّقها في صندوق الكربون العالمي، وهو من سيجني السمعة الإيجابية لبلده عن توجهه للإمتثال بقضايا المناخ والبيئة والتنمية المستدامة العالمية.
ترى؛ هل فكرت الحكومة الرشيدة وانا أتحدث هنا بالعموم عن ملكية شهادات خفض الإنبعاثات في حال تم توقيع اتفاق دولي بين الدول في هذا الخصوص؟ ولمن ستؤول ملكية المشروع لاحقا بعد مضي فترة التعاقد البيني (البيئي-الطاقوي-المائي) بين الدول بشكل عام؟
* كبير مستشاري الهيئة العربية للطاقة المتجددة، وعضو مجلس إدارة المجلس العربي للطاقة المستدامة في القاهرة.