لم يدخل وصفي التل بيوت الاردنيين وقلوبهم لانه فقط استشهد على ايدي فئة ارادت الاردن ساحة ودولة يحكومونها تحت شعار السعي لتحرير فلسطين ،لكن وصفي التل دخل بيوت الاردنيين وكنت تجد صوره معلقة فيها لانه احترم فكرة الدولة الاردنية وعمل على بناء مؤسساتها الكبرى منذ حكومته الاولى عام ١٩٦٠ فكان سد الملك طلال ومشاريع زراعية وتنموية ،ولانه امن ان الاردني لايليق به الا المسؤل النظيف النزيه القوي ،ولانه حين احتاجه الاردن لم يختبئ او يبحث عن الاعذار ،ولم ترتجف يده ولا لسانه ولاقلبه فكان اول الاردنيين دفاعا عن الاردن واول الجنود خلف الحسين رحمه الله.
والايمان بالدولة الاردنية وهويتها في مرحلة وصفي بل وكل المراحل تحتاج دائما الى رجولة في حمل المواقف ومواجهة الاتهامات ومحاولات الاستهداف السياسي ،ولهذا كان وصفي من اكثر من لقي اتهامات وانتقادات في زمن ليس فيه وسائل تواصل ،ولم تكن اتهامات تخص نظافته او سلوكه الشخصي بل لانه ادرك معنى ان تكون رئيسا لوزراء دولة في وضع الاردن ، دولة تكاثر عليها الخصوم الذين مارسوا بحقه كل تآمر ، لكن ذلك الايمان والوقوف برجوله حماية للاردن قطف ثماره كل الاردنيين الى اليوم وحتى ضيوف الاردن عبر العقود لان الاردن بقي ولم يتحول إلى شيء آخر.
هي معادلة وصفي وأمثالها في كل الدول، اشخاص لم يملكوا عصا سحرية ولم يحولوا بلدانهم الى جنات عدن حين تولوا مواقع المسؤلية ،لكنهم امتلكوا صدقا في مشاعرهم ومواقفهم تجاه اوطانهم وتجاه الناس ،وفي المحطات الصعبة لم يغرقوا في حسابات صغيرة وكان هاجسهم ان يقدموا ماعليهم تجاه اوطانهم ،لم تشغلهم شكليات الوظيفه بل جوهرها ،فأصبحوا رموز ا في عيون الناس .
حكاية وصفي ليست معجزة لكنه اردني يشبه الناس ،عمل برؤيته فخدم وبنى وهو مسؤل ،اما النظافة والنزاهة فلا يحتاج الانسان ان يصف نفسه بها لانها مثل الرائحة الطيبه تتحدث عن نفسها.
رحم الله الحسين الذي رزقه الله بوصفي وأمثاله في اصعب المراحل ،ورحم الله وصفي الذي كان هناك من كرهوا وجوده ،ولحقت به كل الاساءات رغم صدقه مع الاردن فاكرمه الله بالشهادة ومازال الى اليوم حاضرا ورمزا تذكره اجيال لم تره ولم تلتق معه لكنه عشقت نموذجه في الرجولة والصدق والوطنية التي ارتبطت بمضمونه وليس بموقعه الوظيفي.