كانت جريمة حريق منبر المسجد الاقصى في يوم 21 آب 1969 سببا مباشرا في تأسيس منظمة المؤتمر الاسلامي في ذلك العام ، والتأمت دول المؤتمر في اول اجتماع لها في الرباط ، وكان قرارها بالمباشرة باعادة بناء منبر صلاح الدين فورا وتكليف سوريا بهذه المهمة . وكنت أقوم باعداد فلم وثائقي في عام 2006 عن تاربح هذا المنبر وذلك بعد قرار المغفور له الملك الحسين عام 1993 بتولي اعادة بناء المنبر ،برسالة وجهها الى دولة الدكتور عبدالسلام المجالي جاء فيها : "لقد صممنا وآلينا على أنفسنا أن نحافظ على المقدسات والتراث الخالد الذي منه منبر صلاح الدين الأيوبي ذلك المنبر الذي لم يعمل في الإسلام مثله، ولا بد من إعادة صنعه على صورته الحقيقية المتميزة ببالغ الحسن والدقة والإتقان ليعود إلى سابق عهده في أداء دوره التاريخي في هداية المؤمنين وتوعيتهم وحفزهم على التعاون والتضامن".

واستمر العمل به وأكمل جلالة الملك عبدالله الثاني بناءه الى تمت اعادته الى مكانه التاريخي في داخل المسجد الاقصى في رمضان يوم 25 تموز عام 2006م .

بدأ اعداد المخطط للفلم وتوثيق قصته على مرحلتين :

الاولى : تتبع رحلة المنبر من مدينة حلب وزيارة مكان بنائه في عام 1867 م في المسجد الحلوي قبالة المسجد الاموي من جهة الباب الغربي وزيارة بلدة اخترين في شمال حلب في سهل مرج دابق وهي بلدة الخطاط الاختريني الذي كتب ونقش على جوانب المنبر تاريخ الصنع ومعلومات اخرى ." نشير هنا ان نور الدين زنكي هو من صنع المنبر واعتلاه خاطبا يوم جمعة سائلا الله ان يقوض للامة من ينقل المنببر الى المسجد الاقصى ، وبعد عشرين سنة كانت رحلة المنبر الى القدس بعد تحرير صلاح الدين الايوبي لها .

الثانية : هي زيارة القدس الى حيث هو المنبر الذي عاد ليتبوأ مكانه التاريخي .

والقصة تبدأ من حلب ، وكان معي فريق التلفزيون الاردني ، وبالتنسيق مع الجهات السورية التي قدمت لنا كل المساعدة وبكل تقدير كان لنا لقاء مع اللجنة التي كانت مكلفة باعادة صنع المنبر وفق قرار منظمة المؤتمر الاسلامي التي اوكلت اعادة صناعته الى سوريا بصفة ان صنع المنبر الذي احترق قد كان في سوريا . ولكن كان القرار بوقف العمل به ،وسألت رئيس جمعية العاديات في حلب وهو احد أعضاء اللحنة الدكتور محمد القجة عن الاسباب ، هل هي فنية أم مالية ؟ فأعطاني الاسباب التي لم تكن مالية او ادارية .
من هنا كان السؤال : جريمة احراق المنبر كانت في عام 1969 ، ولكن مبادرة المغفور له الملك الحسين كانت عام 1993 ،والمسافة الزمنية 24 سنة ، فلماذا تأخر الامر الى هذا الحد ؟؟؟

بعد العودة من حلب والقدس الى عمان وتصوير كل مكان له علاقة في الموضوع ، كان اللقاء مع المرحوم المهندس رائف نجم في مكتبه في العبدلي قبالة وزارة الصناعة والتجارة .

فأكد لي على السبب الذي كان القرار في حلب بوقف صنع المنبر ، وهو ان لا يتم بناء المنبر الا بعد تحرير القدس ؟؟

وسألت لماذا لم يتم اعلان السبب ؟ ولو ان القرار كان اردنيا هل سبسكت العالم الاسلامي عنا ؟

هذا هو احد خفايا قصة المنبر ،

اما الموقف الاخر كما قال لي المرحوم رائف نجم ،قال : "بعد ذلك توجهت انا شخصيا ومعي مخططات اعادة صنع المنبر الى مصر ، وقابلت الرئيس المصري حسني مبارك وشرحت له كامل الاحتياجات ، وان منظمة المؤتمر الاسلامي تأمل في فخامتكم الموافقة على المباشرة في صنعه " فأبدى الرئيس مبارك حماسة فائقة في الاستعداد لاعادة صنعه ، ولكن مضت سنوات دون اية اشارة بالبدء في صنعه .

من خفايا قصة بناء المنير وهذه ذكرها لي المرحوم الدكتور عبدالسلام العبادي وزير الاوقاف في حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي التي باشرت ببناء المنبر ، انه حاولت مجموعة اردنية التواصل مع دولة عربية للحصول على التمويل الكامل لبناء المنبر ، فكان قرار الملك الحسين الفوري بتكليف الحكومة للمباشرة ببنائه . " وهنا لا نحتاج الى القراءة ما بين السطور وما خلفها وما فوقها "؟؟

وسألت المرحوم المهندس رائف نجم : لماذا تجاوزت منظمة المؤتمر الاسلامي تكليف الاردن منذ البدء لاعادة بناء المنبر حينها خاصة ان مدينة القدس كانت اردنية وهي تحت الاحتلال ؟؟؟

كان الحديث صريحا وشفافا وهو حديث الماضي وبنفس اسباب الحاضر الذي تتكرر احداثه ،

المرحوم المهندس رائف نجم كان يحمل هم القدس وواجه كل التعقيدات ، والتزم بالسياسة الاردنية المؤدبة اكثر من اللازم في التعامل مع كل الاحداث ، ولا نقول الا رحمة الله عليك واسكنك فسيح جناته .،