"الضرورات الحتمية" في استمرارية "التعليم الوجاهي"
فيصل تايه
24-11-2021 11:52 AM
اكتسب دوام المدارس في ظل "جائحة كورونا" تخوفات عديدة لدى الأهالي وغيرهم من المسؤولين فيما يتعلق بحماية الطلبة من مختلف الاعمار من الآثار المترتبة على هذا الوباء ، حيث كان المطلوب من المدارس الموازنة بين الاحتياجات التعليمية والاجتماعية والعاطفية للطلاب ، إلى جانب مراعاة المحافظة على صحتهم وسلامتهم وسلامة العاملين ، في الوقت الذي بدأت فيه العديد من مدارسنا بالتفكير "خارج الصندوق" في خطوات ايجابية لمساعدة اولياء الامور في اتخاذ القرار الصائب بشأن ضرورة تحصين ابنائهم ضد هذا الوباء ، حيث اقدمت العديد من المدارس مؤخرا على مبادرات فردية توعوية عديدة من خلال استفتاء أولياء الأمور حول إمكانية تلقي ابنائهم لمطعوم كورونا ، ذلك بهدف تشجيعهم على أهمية ذلك ، من خلال المبادرة بأخذ اللقاح في خطوات هامة وحاسمة للحفاظ على استمرارية التعليم الوجاهي ، حيث لاقت تلك المبادرات اصداء ايجابية واسعة وموافقات من العديد من اولياء الأمور ، واقدام معقول من الطلبة على تلقي اللقاح دوم تردد .
اننا وحين نتحدث عن هذا الموضوع والذي يمس كل بيت وكل أسرة والمتعلق بضرورة تحصين ابنائنا الطلبة ، لابد من الاستناد في ذلك الى الرأي العلمي الذي لا بد أن يصدر عن الجهات الصحية الرسمية ولتي تكون بالغالب معطوفة على تطمينات منظمة الصحة العالمية ، فالتطعيم ضد هذا الوباء هو الحل الجذري لتحصين الطلبة ، مع تأكيد مأمونية هذا اللقاح ، فقد منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ترخيصًا مطمئنا لاستخدام لقاح "كوفيد ١٩" من "فايزر" للأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين (١٢ و ١٥) عامًا ، حيث يتطلب اللقاح من "فايزر" حقنتين بينهما "٢١" يومًا ، ويمكن إعطاء الجرعة الثانية بعد مدة تصل إلى ستة أسابيع بعد الجرعة الأولى إذا لزم الأمر ، وقد أظهرت الأبحاث أن لقاح "فايزر" فعال بنسبة ١٠٠٪ في الوقاية من الفيروس لدى الابناء الذين تتراوح أعمارهم بين (١٢ و ١٥) سنة ، وقد أظهرت أبحاث سابقة أن اللقاح فعال بنسبة (٩٥٪) في الوقاية من الأعراض الناتجة عن العدوى لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم "١٦" عامًا فأكثر ، فيما الفئة المستهدفة هنا في الاردن استنادا لذلك هم الطلبة من الأعمار 12 الى 18 عاما ، لذلك وبعد أخذ اللقاح بالكامل ، يمكن للأبناء الاستمرار في ممارسة العديد من الأنشطة الصفية التعليمية الدراسية التي قد تعذّر أداؤها بسبب الجائحة حيث يُعتبر الطالب حاصلاً على اللقاح بالكامل بعد أسبوعين من أخذ الجرعة الثانية من اللقاح .
ان وزارة التربية والتعليم تعي تماما حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها خاصة في سعيها لاستمرارية الدوام الوجاهي ومواصلته ، لذلك فهي تقوم على تشجيع كافة المبادرات التي تهدف الى توعية الطلبة وذويهم والمتعلقة بضرورة أخذ اللقاح حفاظا على صحتهم ووقايتهم من الفيروس والمساهمة في انحسار الوباء ، لذلك فالمبادرات التي تقوم بها بعض المدارس في هذه المرحلة حول استفتاء أولياء الأمور بإمكانية تطعيم ابنائهم ضد فيروس كورونا هي خطوة ايجابية مقدرة من خلال الحملات المدرسية لتطعيم طلبة المدارس انسجاما مع الجهود الوطنية المبذولة للتشجيع على تلقي مطعوم كورونا ، وفي ظل ارتفاع وتزايد عدد الإصابات المسجلة بما في ذلك بين طلبة المدارس ، حيث بدأت الوزارة بتعميم هذه المبادرات على جميع مديريات التربية والتعليم باعتماد نموذج ورقي يتحدث الجزء الأول منه على أهمية المطاعيم والجزء الآخر يتضمن طلب موافقة لولي الأمر للمشاركة في الحملة المدرسية لتطعيم طلبة المدارس وعلى ولي الأمر أن يوقع خطيا على ذلك ، لكن مع التأكيد ان تلقي المطعوم هو اختياري وهدف الحملة هو اتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الطلبة الراغبين في تلقي المطعوم داخل المدارس .
اننا وفي سعينا للمحافظة على حياة آمنه مستقرة ، لا بد من تكثيف حملة التطعيم وتشجيع أذرع الدولة المختلفة لكافة فئات المجتمع لتلقيه ، بما فيهم طلاب المدارس ، فالمخاوف التي رافقتنا منذ انتشار الفيروس أصبحت أقل بعد تلقي المطعوم ، ذلك من خلال الحملات الاعلامية المكثفة عبر وسائل الاعلام الموجهة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ، لذلك فعلينا جميعاً اتخاذ القرار العقلاني بناء على مبدأ "أن أي آثار جانبية مرتبطة باللقاح لن تكون أشد خطرًا من الإصابة بالفيروس" ، هذا الفيروس الذي ما يزال يتسبب في المزيد من الاصابات اليومية والوفيات ، لذلك فاللقاح استطاع أن يحدث تغييرًا ملحوظًا في حياة الناس بالرغم من ضرورة الاستمرار في اتباع الاجراءات الاحترازية مثل وضع الكمامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي وغيرها .
وأخيرا فمن الملاحظ ان العديد من دول الجوار وخاصة دول الخليج العربي بدأت مؤخراً بتطعيم الأطفال وطلاب المدارس ضد فيروس كورونا ، وذلك ضمن محاولات دؤوبة لمحاصرة الوباء واستمرارية الحياة الطبيعية فيها وعودتها إلى ما كانت عليه قبل ظهور الجائحة ، حيث كثفت تلك الدول جهودها لتحفيز عمليات التطعيم ، وبدأت منح بعض المزايا المتعلقة بالتنقل والتجمع والسفر لمن تلقوا اللقاح ، كما بدأت بعض الدول تشديد الإجراءات الرامية إلى توسيع عملية التطعيم .
بقي أن أقول : يجب علينا ان نسعى إلى ضرورة منح الفئة العمرية المستهدفة من الطلبة الفرصة لتلقي اللقاح في أسرع وقت ممكن ، بالمزيد من الحرص على توعية اولياء امورهم بأهمية تحصينهم ، فذلك لا يوفر لهم الحماية من أخطار الفيروس فحسب ، بل سيساعد أيضاً إلى حد كبير، في التخفيف من القيود المفروضة وسيحول دون تعطُّل جانب من العملية التعليمية ، ويمنح الطلبة فرصة أكبر للمشاركة في الفعاليات والنشاطات المختلفة وكما سبق واشرت .
والله ولي التوفيق