التحفيز الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي!
د. عادل محمد القطاونة
24-11-2021 09:57 AM
أعلنَ رئيسُ الوزراء الياباني فوميو كيشيدا مؤخراً عن حُزمة جديدةٍ من الإجراءاتِ لتحفيز ثالث أكبر اقتصادٍ في العالم بكلفة قياسية تبلغ حوالي 490 مليار دولار، وأفاد كيشيدا أن الخطة البالغ قدرها 56 تريليون ين ياباني، وهي الثالثة منذ بدأت أزمة كوفيد 19، العام الماضي "كافية لمنح شعور بالأمان والأمل للشعب الياباني"، وسيشمل الإنفاقُ مجموعةً من الإجراءات، بما في ذلك دفعاتُ نقدية للعائلات التي تضم أطفالاً تحت سن الثامنة عشرة، ويبلغُ دخلها الحد الأدنى المنصوص عليه، إلى جانبِ زياداتٍ لأجور الممرضين والعاملين في مجالِ الرعاية الصحية.
قال رئيس الحكومة اليابانيةِ خلال محادثات بين الوزراء وائتلاف الأحزابِ الحاكمة: "تمكنا من وضعِ تدابير اقتصاديةٍ ستطلق المجتمع الجديد بعد الوباء" ولفت إلى أنه يتوقع أن يرتفعَ مبلغ الإنفاقِ الحالي (56 تريليون ين ياباني) والذي يعادلُ 10 في المائة تقريباً من إجمالي الناتج المحليِ لليابان، إلى 79 تريليون ين ياباني تقريباً، بما يشملُ عناصر أخرى مثل القروض من صناديق التمويل الخاصة، وذكر كبير خبراء الاقتصاد لدى (إس إم بي سي نكو) جونيتشي ماكينو في مذكرةٍ بأن الحزمة سترفعُ إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3.3 في المائة. ولفت إلى تأثيرٍ كبير ٍمحتمل لبرنامج الحسومات على السفر الداخلي ومعونات الشراء والحوافز المخصصة للأعمالِ التجارية. وكتب أنه ستكون تفاصيل الحزمة هي الأساس، وسيركزُ السوق على الحجم الدقيق لهذه البرامج عالية التأثير.
بحسب مسودة اجراءاتِ التحفيز الاقتصادي فقد قامت الحكومة اليابانية بتقديم الدعم المالي للمؤسسات والأفراد الذين يعتمدون على الرواتبِ والدخل المتدني من أجل تعزيز انفاق المستهلكين؛ حيث أدرك ساسة الاقتصادِ هناك على أن الدعم المالي من شأنه أن يؤثر ايجاباً على المؤشراتِ الاقتصادية، ومن ينظر إلى الاصلاح الاقتصادي يجب ان ينظر اليه بعمق، وأن يكون هنالك مساحة للحراك الاقتصادي الذي سينعكس ايجاباً على الوطن والمواطن، لا أن يكبت الحراك الاقتصادي بما ينعكس سلباً على موازنة الوطن وجيب المواطن.
في دراساتٍ غير منشورة للعديد من اقتصاديات الدول مثل اليابان وسنغافورة، المانيا وماليزيا فقد قامت الحكومة بمكافأة الشركات التي تستثمر في المصانع والمعدات التي تحسن كفاءة الطاقة، وتدعمُ رأس المال البشري وتشجع على انفاق الشركات الصغيرة لرأس المال. وأشارت الدراسات إلى أن الحكومات طرحت جدولاً زمنيا لتخفيضِ معدل ضريبة الشركات لأقل من 25% لتحسينِ القدرة على المنافسة، مع الأخذِ بعين الاعتبار القدرة على تأمين حاجات المواطن الصحية والتعليمية بشكلٍ كامل، بمعنى أن النظام الضريبي في العديد من الدول كما هو الحال في بريطانيا HMRC يأخذ بعين الاعتبار القدرة المادية والمعيشية لدافع الضريبة، وتأخذ التصنيفات الضريبية أشكالاً تسمح في تحقيق العدالةِ الضريبية التي تفقدها الكثير من أنظمة الضريبة في العديد من الدول النامية التي تركز على الجانب التحصيلي دون الالتفاتِ إلى الجانب المعيشي للمواطن.
ان معدلاتِ النمو والناتج المحلي الإجمالي، المديونية والتيسير الكمي والرقمي والعجز، سعر الفائدة وسعر الصرف، الاستثمار والادخار، التخطيط الضريبي والتهرب الضريبي؛ مفاهيمُ اقتصاديةٌ وضريبية تعطي إشارات إلى ان الاصلاح الاقتصادي لا يقتصرُ على فرض الضرائب او إعادة النظرِ في جداول ضريبة القيمة المضافة (ضريبة المبيعات) إنما يتعدى ذلك إلى البحث في كافة الأرقام وما وراء هذه الأرقام من مؤشرات ودلالات.