استعدادا لمباراة فريقين محليين، رفعت لافتات تقول: "هزيمة الرجال السادسة على الأنذال" ولافتة معاكسة تقول: "الأنذال غاد مش بهاي البلاد". هذا ما وردني من وزارة الشباب..
هذه اللافتات لم ترفع من مندسين كما يحلو للمسؤولين تصنيفهم في محاولة لإخفاء شرخ عميق، بل مواطنون كاملو الدسم!! ولهم أصول وفروع وداعمون! ففي الرياضة هناك نحن والآخر!
وكما قلت هؤلاء ليسوا مندسين، بل طلبة وشباب وجامعيون وعاملون لم تستطع التربية بناء وحدتهم! ولم تستطع السياسة إقناعهم بالمواطنة، وتركناهم لعبة بأيدي إعلام رياضي قاس ومتحيز، مشتت: يبدد ولا يصون! يهدد ولا يوحد! يفرق ولا يجمع.
لست أبحث عن اتحاد كرة القدم ولا عن عقلاء الأندية فكلهم منغمسون في الفوز والهزيمة والإذلال، فما حصل في الرمثا – وهذا حقهم- كانت الأمور أبعد من كرة القدم بكثير!! وبتقديري غابت التربية والجامعات والإعلام السياسي في توجيه الشباب، فليس لدينا منهاج لبناء شبابنا، بل صابتنا عدوى الرياضة في التربية، وصرنا نبحث عن النجاح والرسوب في امتحانات تقيس كل ما هو مهم وتهمل قياس الشخصية وحتى بعدم إمكان قياسها!! حين سألوا الطلبة عن الثورة العربية الكبرى سخروا من عدم معرفتهم ولم يسخروا من هزالة شخصياتهم، هم تماما كمن يقيسون الرياضة بتسجيل الأهداف على حساب الوحدة الوطنية والمواطنة.
فشلنا في الحوار – وهذا ليس تشاؤما- ففي كل مرة تتحاور الأديان يزداد عدم تقبل الآخر! وفي كل مرة يتحاور السياسيون تزداد الكراهية!
وفي كل مرة نتحاور حول الهوية "الجامعة" تنشط الهويات الفرعية! فلماذا لا نعترف: إننا إقصائيون أو أننا لسنا جادين في الحوار!! وإلا ما معنى هذا العبث في ملاعبنا!! في الرياضة وفي الجمهور الرياضي تسود الروح الجمعية وهي روح الإقصاء والرفض، وهي ما يميزنا.
أكرر: في التعليم نقيس المعلومات وفي الرياضة نحسب الأهداف، وفي كلا الحالتين نسهم في هدم الشخصية!!
المطلوب ليس علماء اجتماع يحللون الظاهرة، بل تربويون مهتمون بالحوار والشخصية وليس بالامتحان والعلامات!!
من يتصدى لبناء المواطنة والوحدة الوطنية؟؟